لأصحابه : إذا سلّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك. أي : عليك ما قلت (١).
قال تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا) : أي هلّا (يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) من السام ، أي : إن كان نبيّا فسيعذّبنا الله بما نقول. قال الله تعالى : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٨).
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : [يعني الذين أقرّوا بالألسنة] (٢) (إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) : أي كما صنعت اليهود من هذه النجوى التي ذكروا. قال : (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٩) : أي : يوم القيامة.
(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٠).
تفسير الحسن أنّ رجلا من المسلمين كان يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيستخليه لحاجته ، فكان الشيطان يوقع في قلوب المؤمنين الحزن ، يقول : إنّ صاحبكم هذا إنّما خلا برسول الله ليبغّضكم عنده ، قال تعالى : (وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ) ذلك ، أي الذي وقع في قلوبهم ، (شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فأراد أن يعصم المؤمنين ألّا يستخلي أحد منهم بالنبيّ عليهالسلام.
وقال الكلبيّ في قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ ..). إلى آخر الآية : إنّ المنافقين كانوا إذا غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو بعث سريّة يتغامزون بالرجل إذا رأوه وعلموا أنّ له حميما في الغزو ، فيتناجون وينظرون إليه ، فيقول الرجل : ما هذا إلّا لشيء قد بلغهم عن حميمي ، فلا يزال من ذلك في غمّ وحزن حتّى يقدم حميمه. فأنزل الله هذه الآية.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) : قال الحسن : هذا في القتال ؛ كانوا يكونون في مصافّهم فيجيء الرجل فيقول : وسّعوا ، ولا يوسّعون له ، كلّهم يرغب في الشهادة ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) انظر الإشارة إليه فيما مضى ، ج ١ ، تفسير الآية ٨٦ من سورة النساء.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٣٥٥.