قوله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) : (١) والخشوع : الخوف الثابت في القلب (وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) : أي القرآن (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) : يعني اليهود والنصارى (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) : أي الدهر ، يعني بقاءهم في الدنيا (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) : فغلظت قلوبهم (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (١٦) : أي من ثبت منهم على الشرك.
وتفسير الحسن قال : نزلت هذه الآية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) قال : نزلت والله وهم أهل الصلاة والصوم والأعمال الحسنة ، وهم أصحاب النبيّ عليهالسلام فاستزادهم بذلك.
وبعضهم يقول : نزلت في المنافقين : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي : الذين أقرّوا ولم يعملوا (أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) أي : فيصدقوا في القول والعمل كما فعل المؤمنون الذين صدقوا الله في قولهم وعملهم (٢).
قوله : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) : أي فكذلك يقدر أن يحيي الموتى. وقال بعضهم : وكذلك يلين القلوب بالذكر بعد قساوتها. (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١٧) : أي لكي تعقلوا عن الله بيانه لكم.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) : أي المتصدّقين والمتصدّقات (وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) : هذا في التطوّع ، أي يقدّمون لأنفسهم (يُضاعَفُ لَهُمْ) : أي يضاعف لهم الثواب عليه (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (١٨) : أي ثواب كريم ، أي : الجنّة.
قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) : أي صدّقوا بما جاء من عند الله ، وعملوا بما صدّقوا به (وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : أي الذين يقاتلون في سبيل الله.
__________________
(١) قال ابن أبي زمنين : (أني الشيء يأنى إذا حان). وقال الفراء في المعاني ج ٣ ص ١٣٤ : وفي (يأن) لغات : من العرب من يقول : ألم يأن لك ، وألم يئن مثل : يعن ، ومنهم من يقول : ألم ينل لك باللام ، ومنهم من يقول : ألم ينل. وأحسنهن التي اتى بها القرآن.
(٢) كذا في ق وع ، وهو من تأويل الشيخ هود الهوّاريّ ، وفي ز ، ورقة ٣٥٣ : «نزلت في المنافقين ، أمرهم أن يخلصوا الإيمان كما أخلص المؤمنون».