قوله : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) : أي لا تنفع شفاعتهم المشركين والمنافقين شيئا ، إنّما يشفعون للمؤمنين ولا يشفعون (إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) (٢٦) : هو كقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] وكقوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) [سبأ : ٢٣] ، وكقوله : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) [الزخرف : ٨٦] أي : قال : لا اله إلّا الله ، وعمل بفرائض الله.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) : أي بأنّهم إناث ولا بأنّهم بنات الله. (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) : أي إنّ ذلك منهم ظنّ. قال : (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) (٢٩) : أي تغنيهم (١). وهي منسوخة ، نسختها آية القتال ، هي قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].
قال : (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) : أي إنّ علمهم لم يبلغ الآخرة. كقوله عزوجل : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٦٦) [النمل : ٦٦]. وقال مجاهد : (ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي [مبلغ] (٢) رأيهم.
قوله عزوجل : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : أي إنّ المشركين هم الذين ضلّوا عن سبيله (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) (٣٠) : أي إنّ النبيّ والمؤمنين هم المهتدون.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا) : أي أشركوا (بِما عَمِلُوا) : أي ليجزيهم النار (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا) : أي آمنوا (بِالْحُسْنَى) (٣١) : أي الجنّة.
قوله : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ).
__________________
(١) كذا وردت الكلمة في ق : «تغنيهم» ولست مطمئنّا إليها ، وأشكلت الكلمة على ناسخ ع فكتبها هكذا : «لعهم».
(٢) زيادة من تفسير مجاهد ، ص ٦٣١. وهذا أحسن تأويلا. قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٠٠ : «صغر بهم ، يقول : ذلك قدر عقولهم ، ومبلغ علمهم حين آثروا الدنيا على الآخرة ؛ ويقال : ذلك مبلغهم من العلم أن جعلوا الملائكة والأصنام بنات الله».