قوله عزوجل : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) : يعني أوثانهم (وَهُمْ) : يعني الأوثان (عَنْ دُعائِهِمْ) : يعني عن دعاء من عبدها (غافِلُونَ) (٥).
قوله : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) (٦) : قال الحسن : إنّ الله يجمع يوم القيامة بين كلّ عابد ومعبود ، فيوقفون بين يديه ، يحشرها الله بأعيانها فينطقها لتخاصم من كان يعبدها ، وهو قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) الأصنام والذين عبدوها (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) أي فصلنا بينهم بالمسألة ، فسألنا هؤلاء على حدة ، وهؤلاء على حدة ، (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (٢٨) أي : ما كنّا ندعوكم إلى عبادتنا (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ) إيّانا (لَغافِلِينَ) [يونس : ٢٨ ـ ٢٩].
قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ) : أي للقرآن (لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧).
قال الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) : أي محمّد ، أي : قد قالوا افتراه محمّد (قُلْ) يا محمّد لهم (إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) : أي لا تستطيعون أن تمنعوني من عذاب الله شيئا (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) : أي بما تقولون فيه من الشرك ، (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : أي أنّي جئت بالقرآن من عنده وأنّي لم أفتره. قال : (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٨) : أي لمن آمن بالله.
قال : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) : أي ما كنت أوّلهم ، قد كانت الرسل قبلي (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) : تفسير الحسن : وما أدري ما يحكم لي ولكم الله من الأحكام والشرائع ، وهل يتركني مقيما بين أظهركم في دار الشرك أم يخرجني إلى دار الهجرة. وقال الكلبيّ : إنّ النبيّ عليهالسلام قال : لقد رأيت في منامي أرضا أخرج إليها من مكّة. فلمّا اشتدّ البلاء على
__________________
وأخرجه ابن جرير في تفسيره ، ج ٢٦ ص ٢ موقوفا من طريق أبي سلمة عن ابن عبّاس قال : «خطّ كان يخطّه العرب في الأرض ...». وقال أبو بكر بن عياش : «الخطّ هو العيافة». وانظر : السيوطي ، الدر المنثور ، ج ٦ ص ٣٧ ـ ٣٨ ، وانظر ابن الجوزي ، زاد المسير ، ج ٧ ص ٣٦٩.