الكفّار منهم. واسم الشيطان لا يقع إلّا على الكافر من الجنّ.
وذكر بعضهم قال : أمر سليمان ببناء بيت المقدس فقالوا له : زوبعة الشيطان له عين في جزيرة في البحر ، يردها في كلّ سبعة أيّام يوما. فنزحوها ، ثمّ صبوا فيها خمرا ، فجاء لورده. فلمّا أبصر الخمر قال في كلام له : ما علمت ، إنّك إذا شريك ، صاحبك لمما يظهر عليه عدوّه ، في أساجع له [لا أذوقك اليوم] (١). فذهب ثمّ رجع لظمء آخر (٢). فلمّا رآها قال كما قال أوّل مرّة ، ثمّ ذهب فلم يشرب حتّى جاء لظمء آخر. [قال : ما علمت أنّك لتذهبين الهمّ في سجع له] (٣). فشرب منها فسكر. فجاءوا إليه ، فأروه خاتم السخرة ، فانطلق معهم إلى سليمان. فأمرهم بالبناء ، فقال زوبعة : دلّوني على عشّ الهدهد. فدلّ على عشّه. فأكبّ عليه جمجمة ، يعني زجاجة. فجاء الهدهد ، فجعل لا يصل إليه. فانطلق فجاء بالماس الذي يثقب به الياقوت ، فوضعه عليها فقطّ الزجاجة نصفين. ثمّ ذهب ليأخذه فأزعجوه ، فجاءوا بالماس إلى سليمان. فجعلوا يستعرضون به الجبال كأنّما يخطّون في نواحيها في الطين.
قوله تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) : أي المرض. وقال الحسن : هو كقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (٤١) [سورة ص : ٤١].
قال الحسن : إنّ إبليس قال : يا ربّ ، هل من عبيدك عبد إن سلّطتني عليه امتنع منّي؟ قال : نعم ، عبدي أيّوب. قال : فسلّطني عليه. قال : فسلّطه عليه ليجهد جهده ويضلّه بخباله وغروره ، فامتنع منه. قال إبليس : يا ربّ : إنّه قد امتنع منّي ، فسلّطني على ماله. فسلّطه على ماله فجعل يهلك ماله صنفا صنفا ، ويأتيه فيقول له : يا أيّوب ، هلك مالك في كذا وكذا ، فيقول : الحمد لله ، اللهمّ أنت الذي أعطيتني ، وأنت الذي أخذته منّي ، إن تبق لي نفسي أحمدك على بلائك. فقال إبليس : يا ربّ ، إنّ أيّوب لا يبالي بماله ، فسلّطني على ولده ، [فسلّطه الله عليهم] (٤) فجعل يهلكهم واحدا واحدا حتّى هلكوا جميعا. فقال إبليس : يا ربّ ، إنّ أيّوب لم يبال بولده ، فسلّطني على
__________________
(١) زيادة من سع ورقة ٣٥ ظ.
(٢) الظّمء ، بكسر الظاء : ما بين الشربتين والوردين ، وذلك في ورد الإبل وغيرها ، والجمع أظماء. وأسماؤها تكون مكسورة الأوّل دائما : الرّبع والخمس والسّدس ... إلى العشر.
(٣) زيادة من سع ورقة ٣٥ ظ.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.