فاعِلِينَ) (٧٩) : أي قد فعلنا ذلك بداود.
قوله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) : يعني دروع الحديد (لِتُحْصِنَكُمْ) : أي ليجنّكم (مِنْ بَأْسِكُمْ) : والبأس القتال (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) (٨٠) ، فكان داود أوّل من عمل الدروع ، وكانت قبل ذلك صفائح (١).
قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) : أي وسخّرنا لسليمان الريح عاصفة ، أي لا تؤذيه. (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) : أي مسخّرة تجري بأمره. (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) : وهي أرض الشام ، وأفضلها فلسطين (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) (٨١) : قال بعضهم : ما ينقص من الأرض يزاد بالشام ، وما ينقص بالشام يزاد في فلسطين. [وذلك أنّه يقال : إنّها أرض المحشر والمنشر ، وبها يجتمع الناس] (٢).
قوله تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) : وهذا على الجماعة (وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) : أي عملا دون الغوص ، وكانوا يغوصون في البحر ويخرجون اللؤلؤ. وقال في آية أخرى : (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) (٣٧) [سورة ص : ٣٧] (٣).
قال بعضهم : ورث سليمان داود نبوّته وملكه ، وزاد سليمان على ذلك أن سخّر له الريح والشياطين.
قوله تعالى : (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) (٨٢) : أي حفظهم الله لا يذهبون ويتركونه ، وكانوا مسخّرين له (٤).
وقال الحسن : لم يسخّر له في هذه الأعمال وفيما يصفد ، يجعلهم في السلاسل ، من الجنّ إلّا
__________________
(١) وجاء في ز ، ورقة ٢١٧ : «قال قتادة : كانت قبل داود صفائح وأوّل من صنع هذه الحلق وسمّرها داود».
(٢) زيادة من سع ورقة ٣٥ و.
(٣) انظر هذه القصّة بألفاظ وروايات أخرى في كتب التاريخ والأدب. انظر مثلا : النويري ، نهاية الأرب ، ج ١٤ ص ١٠٨.
(٤) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٠٩ : «وقوله : (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) للشياطين. وذلك أنّهم كانوا يحفظون من إفساد ما يعملون. فكان سليمان إذا فرغ بعض الشياطين من عمله وكله بالعمل الآخر ؛ لأنّه كان إذا فرغ ممّا يعمل فلم يكن له شغل كرّ على تهديم ما بنى ، فذلك قوله : (وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ).