أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) [يس : ٦٠] ، وكقوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) أي : شيئا ليس فيه روح ، يعني أوثانهم (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) [النساء : ١١٧]. قال : (أَكْثَرُهُمْ) : يعني جماعة المشركين (بِهِمْ) : أي بالشياطين (مُؤْمِنُونَ) (٤١) : أي مصدّقون بما وسوسوا إليهم من عبادة من عبدوا فعبدوهم.
قال الله : (فَالْيَوْمَ) : يعني يوم القيامة (لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) : أي الشياطين والكفّار (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : أي أشركوا (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (٤٢) : وهم جميعا قرناء في النار : الشياطين ومن أضلّوا يلعن بعضهم بعضا ويبرأ بعضهم من بعض.
قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) : أي القرآن (قالُوا ما هذا) : يعنون محمّدا (إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا) : أي القرآن (إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) : أي إلّا كذب افتراه محمّد. قال الله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ) : أي للقرآن (لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٤٣).
قال الله : (وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) : أي يقرأونها ، أي : بما هم عليه من الشرك. (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (٤٤) : كقوله : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [القصص : ٤٦] أي : من نذير من أنفسهم ، يعني قريشا.
قال الحسن : كان موسى حجّة عليهم.
قال : (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي من قبل قومك يا محمّد. (وَما بَلَغُوا) : أي وما بلغ هؤلاء (مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ) : أي عشر ما آتيناهم من الدنيا ، يعني الأمم السالفة. وقال في آية أخرى : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) [التوبة : ٦٩]. [ذكروا عن الحسن قال : (وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ) قال : ما عملوا معشار ما أمروا به] (١).
قال : (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) فأهلكتهم (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٤٥) : أي فكيف كان عقابي ؛ على الاستفهام. أي : كان شديدا. يحذّرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بهم.
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ١٥٤.