يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧) [المائدة : ٢٧].
قال تعالى : (بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) : أي في غرفات الجنّة (آمِنُونَ) (٣٧) : أي آمنون من النار ومن الموت ومن الخروج منها ومن الأحزان ومن الأسقام والأمراض.
قال : (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) : تفسير الحسن : يظنّون أنّهم يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم. وتفسير الكلبيّ : (مُعاجِزِينَ) أي : يثبّطون الناس عن آياتنا ، أي : عن الإيمان بها ، أي : يجحدونها. قال : (أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) (٣٨) : أي مدخلون ، في تفسير الكلبيّ. وقال بعضهم : محضرون في العذاب ، وهو واحد.
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) : وهي مثل الأولى وقد فسّرناها. (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) : أي في طاعة الله (فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٣٩). ليس يعني أنّه إذا أنفق شيئا أخلف له مثله ، ولكن يقول : الخلف كلّه من الله أكثر ممّا أنفق وأقلّ ، أي : ليس يخلف النفقة ويرزق العباد إلّا الله. وقال بعضهم : يخلفه خيرا في الآخرة ، أي : يعوّضكم منه الجنّة.
وبلغنا عن مجاهد أنّه قال : لا ينفقنّ أحدكم كلّ ما في يده فيتأوّل هذه الآية : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ).
ذكروا عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جدّه أنّه لّما تيب عليه جاء بماله كلّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم صدقة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أمسك عليك شطره فهو خير لك (١).
قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) : يعني المشركين وما عبدوا (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (٤٠) : على الاستفهام ، وهو أعلم بذلك منهم (قالُوا) : أي قالت الملائكة (سُبْحانَكَ) : ينزّهون الله عمّا يقول المشركون (أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) : أي إنّا لم نكن نواليهم على عبادتهم إيّانا. (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) : أي الشياطين من الجنّ هي التي دعتهم إلى عبادتنا ولم ندعهم إلى عبادتنا ، فهم بطاعتهم الشياطين عابدون لهم. كقوله : (أَلَمْ
__________________
(١) حديث متّفق عليه ، أخرجه الشيخان بلفظ : «أمسك بعض مالك فهو خير لك» ، وانظر ما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١١٨ من سورة التوبة.