قال الله : (قُلْ) يا محمّد (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) : أي بلا إله إلّا الله. يقوله للمشركين (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) : يقول أن تقوموا واحدا واحدا أو اثنين اثنين (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ) : أي بمحمّد صلىاللهعليهوسلم (مِنْ جِنَّةٍ) : أي من جنون (١) (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ) : أي من العذاب (بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (٤٦) : يعني عذاب جهنّم. أي : أرسل محمّدا بين يدي عذاب شديد.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّما مثلي ومثل الساعة كهاتين ، فما فضل إحداهما على الأخرى ، فجمع بين أصبعه السّبّابة والوسطى (٢).
قوله : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ) : أي على القرآن (مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) : كقوله : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (٨٦) [سورة ص : ٨٦] وأشباه ذلك. (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٤٧) : أي شاهد على كلّ شيء.
قوله : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ) : أي ينزل الوحي (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٤٨) : أي غيب السماوات والأرض ؛ غيب السماء : ما ينزل منها من المطر وغيره ، وغيب الأرض : ما يخرج منها من النبات وغيره.
قوله : (قُلْ جاءَ الْحَقُّ) : أي القرآن (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٤٩) : قال بعضهم : الباطل إبليس ، أي : وما يخلق إبليس أحدا ولا يبعثه.
قوله : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٥٠) : أي فأنتم الضالّون وأنا على الهدى. وهو كقوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤) [سبأ : ٢٤]. وقد فسّرناه قبل هذا (٣).
قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) : تفسير عمرو عن الحسن : (إِذْ فَزِعُوا) يعني
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٦٤ : وقوله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) أي : يكفيني منكم أن يقوم الرجل منكم وحده ، أو هو وغيره ، ثمّ تتفكّروا هل جرّبتم على محمّد كذبا ، أو رأيتم به جنونا؟ ففي ذلك ما تتيقّنون أنّه نبيّ».
(٢) انظر التعليق عليه فيما سلف من هذا الجزء ، تفسير الآية الأولى من سورة الأنبياء.
(٣) انظر ما سلف قريبا في هذا الجزء ، تفسير الآية ٢٤ من هذه السورة.