السعة والنعمة (إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٣٤) فاتّبعهم على ذلك السفلة فجحدوا كلّهم.
(وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً) : قالوا ذلك للأنبياء والمؤمنين ، أي : يعيّرونهم بالفقر وبقلّة المال (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٣٥).
قال الله : (قُلْ) : يا محمّد (إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) : أي يوسّع الرزق لمن يشاء (وَيَقْدِرُ) : أي ويقتر عليه الرزق. فأمّا المؤمن فذلك نظر من الله له. قال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٦) : يعني جماعة المشركين لا يعلمون.
قال : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) : يقوله للمشركين (بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) : والزلفى : القربة ، لقولهم للأنبياء والمؤمنين : نحن أكثر أموالا وأولادا منكم.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم (١).
قال : (إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ) : في إيمانه (صالِحاً) : [أي : ليس القربة عندنا إلّا لمن آمن وعمل صالحا] (٢). قال : (فَأُولئِكَ) : أي الذين هذه صفتهم (لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) : أي تضعيف الحسنات. كقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠] ثمّ أنزل بعد ذلك في المدينة : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٦١] ثمّ صارت بعد في الأعمال الصالحة كلّها ، الواحدة بسبعمائة.
ذكروا عن الحسن وغيره عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : لأن أعلم أنّه تقبّلت منّي تسبيحة واحدة أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها.
قال بعضهم : بلغني عن سعيد بن جبير أنّه قال : من كتب الله له حسنة دخل الجنّة، و (إِنَّما
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب البرّ والصلة والآداب ، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ... (رقم ٢٥٦٤) وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ، باب القناعة (رقم ٤١٤٣) ، كلاهما يرويه من حديث أبي هريرة.
(٢) زيادة من سح ورقة ١٥١ ، ومن ز ورقة ٢٧٨.