قل للمشركين.
ثمّ قال : (قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤) : [أي : إنّ الفريقين نحن وأنتم لعلى هدى أو في ضلال مبين] (١) وهي كلمة مقولة عربيّة. هي كقول الرجل لصاحبه : إن أحدنا لصادق ، يعني نفسه ، وكقوله : إنّ أحدنا لكاذب ، يعني صاحبه (٢) ، وكان هذا بمكّة وأمر المسلمين يومئذ ضعيف.
قوله تعالى : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢٥) : هو كقوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٣٥) [هود : ٣٥] وكقوله : (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٤١) [يونس : ٤١].
قوله : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) : أي يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ) : أي يقضي بيننا بالحقّ (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) : أي القاضي (الْعَلِيمُ) (٢٦) فلا أعلم منه.
قوله : (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) : أي جعلتموهم شركاء ، يعني أوثانهم ، يقول : أروني ما نفعوكم وأجابوكم به. (كَلَّا) : أي لستم بالذين تأتون بما نفعوكم وأجابوكم به إذ كنتم تدعونهم ، أي : إنّهم لم ينفعوكم ولم يجيبوكم ، ولا ينفعونكم ولا أنفسهم. ثمّ استأنف الكلام فقال : (بَلْ هُوَ اللهُ) : الذي لا شريك له ، ولا ينفع ولا يضرّ إلّا هو.
(الْعَزِيزُ) : الذي ذلّت له الخلائق (الْحَكِيمُ) (٢٧) : الذي أحكم كلّ شيء ، في تفسير الحسن. وقال غيره : (الْحَكِيمُ) في أمره ، وهو واحد. قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) : أي إلى جماعة الإنس وإلى جماعة الجنّ (٣). (بَشِيراً) : أي بالجنّة (وَنَذِيراً) : أي من النار (وَلكِنَ
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ١٤٨.
(٢) اقرأ ما قاله أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٤٨ ، إذ يجعل (أو) في هذه الآية بمعنى «واو الموالاة». ثمّ اقرأ ما قاله الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٦٢ ، وكأنّه يردّ على أبي عبيدة في تأويله هذا ، ثمّ يفصّل القول بالأدلّة من كلام العرب ، وصدق.
(٣) اختلف العلماء في معنى عموم رسالة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ فمنهم من يرى أنّه بعث للإنس والجنّ أجمعين. وهذا ما ذهب إليه المؤلّف هنا ، وهو قول نسب إلى ابن عبّاس وإلى مجاهد أيضا. ومنهم من يرى أنّه أرسل للناس أجمعين ، أي : عربهم وعجمهم ، أحمرهم وأسودهم ، إلى أن تقوم الساعة كما صحّت بذلك بعض ـ