وقال : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٢) [سورة ص : ٨٢] وقال : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (١٧) [الأعراف : ١٧] ، وأشباه ذلك.
وبعضهم يقول : إنّ إبليس قال : خلقت من نار وخلق آدم من طين ، والنار تأكل الطين ، فلذلك ظنّ أنّه سيضلّ عامّتهم.
وكان الحسن يقرأ هذا الحرف : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) يقول : لقد صدّق عليهم ظنّ إبليس ، فيها تقديم ، ثمّ قال : ظنّ ظنّه ، ولم يقل ذلك بعلم ، يقول : فصدّق ظنّه فيهم. ومجاهد يقرأها : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ). يقول : صدّق إبليس ظنّه فيهم حيث جاء أمرهم على ما ظنّ (١).
قال : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) : كقوله : (فَإِنَّكُمْ) يا بني إبليس (وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢) أي : ليس له عليكم سلطان (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) [الصافات : ١٦١ ـ ١٦٣]. أي : لستم بمضلّي أحد إلّا من هو صال الجحيم. قال : (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) : وهذا علم الفعال. (مِمَّنْ هُوَ مِنْها) : أي من الآخرة (فِي شَكٍ) منها. وإنّما جحد المشركون الآخرة ظنّا منهم ، وذلك منهم على الشكّ. قال : (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٢١) : أي حتّى يجازيهم في الآخرة.
قوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : يعني أوثانهم ، أي : زعمتم أنّهم آلهة (لا يَمْلِكُونَ) : أي لا تملك تلك الآلهة (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) : أي وزن ذرّة (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما) : أي في السماوات والأرض (مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ) : أي لله (مِنْهُمْ) : أي من أوثانهم (مِنْ ظَهِيرٍ) (٢٢) : أي من عوين.
قوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ) : أي عند الله (إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) : أي لا يشفع الشافعون ، إلّا للمؤمنين ، أي : تشفع الملائكة والنبيّون ، والمؤمنون ، ليس يعني أنّهم يشفعون للمشركين فلا يشفعون.
__________________
(١) جاء بعض الاضطراب في ب وع ، فأثبتّ ما بدا لي أولى بالصواب من سح. انظر بعض أوجه القراءات في تفسير الطبريّ ، ج ٢٢ ص ٨٧ ، وفي تفسير القرطبيّ ، ج ١٤ ص ٢٩٢ ، وفي معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٦٠ ، وانظر ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، ص ٣١١.