والمؤمنين. ثمّ قال : (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) : أي يوم القيامة (فَأُنَبِّئُكُمْ) : أي فأخبركم (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥) : أي في الدنيا.
قوله : (يا بُنَيَّ) : رجع إلى كلام لقمان ، تبعا للكلام الأوّل حيث قال : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ). قال : (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) : أي وزن حبّة (مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) : بلغنا أنّ الصخرة التي عليها الحوت الذي عليه قرار الأرض (١). قال : (أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ) : أي احذر يا بنيّ فإنّه سيحصي عليك عملك ويعلمه كما علم هذه الحبّة من الخردل. لقمان يقوله لابنه. قال : (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (١٦) : أي لطيف باستخراجها ، خبير بمكانها.
قوله : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : ذكر بعضهم عن أصحاب النبيّ عليهالسلام قال : من أمر بعبادة الله ، ونهى عن عبادة الأوثان فقد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر.
قال الله : (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٧) : والعزم أن تصبر.
قال : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) : أي لا تعرض عنهم وجهك استكبارا (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) : أي بالعظمة [(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) : أي متكبّر (فَخُورٍ) (١٨) : يعني يزهى بما أعطي ولا يشكر الله] (٢).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا يدخل الجنّة أحد في قلبه مثقال حبّة من خردل من كبر. فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، إنّ الرجل منّا ليكون نقيّ الثوب ، جديد الشراك فيعجبه ذلك ، فقال : ليس ذلك الكبر ، ولكنّ الكبر أن تسفّه الحقّ وتغمط الناس (٣).
ذكروا عن بعضهم قال : من وضع جبهته ساجدا لله فقد برئ من الكبر.
__________________
(١) وهذه هي الأخبار والأساطير التي لا أصل لها من كتاب أو سنّة صحيحة.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من ب وع وأثبتّه من ز ورقة ٢٦٦. وفي سح جاءت العبارة هكذا : «يعدّ ما أعطي زهوا ولا يشكره لله». وفي تفسير مجاهد ص ٥٠٥ : «هو الذي يعدّد ما أعطاه ، وهو لا يشكر الله».
(٣) حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب تحريم الكبر وبيانه (رقم ٩١) عن عبد الله بن مسعود ، وجاء في آخر الحديث : «إن الله جميل يحبّ الجمال ، الكبر بطر الحقّ وغمط الناس».