ذكروا أنّ عليّا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من صنع شيئا فخرا لقي الله يوم القيامة أسود. قال : فقال القوم : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هلكنا وربّ الكعبة ، فو الله إنّ الرجل منّا ليعجبه حسن ثوبه وحسن مركبه ، ثمّ ينظر في شعره ونعله. فقال عليّ : قد شكونا الذي تشكون إلى النبيّ عليهالسلام فقال : ليس ذلك بالفخر ، ولكن الفخر بطر (١) الحقّ وغمط الناس والاستطالة عليهم (٢).
قال : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) : وقال في آية أخرى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) (٣٧) [الإسراء : ٣٧].
قال : (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) : يعني أقبح الأصوات (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (١٩) : وإنّما كانت (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) ولم تكن لأصوات الحمير لأنّه عنى صوتها الذي هو صوتها (٣).
قوله : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) : يعني شمسها وقمرها ونجومها وما ينزل من السماء من ماء وما فيها من جبال البرد (وَما فِي الْأَرْضِ) : أي وسخّر لكم ما في الأرض ، أي : من شجرها وجبالها وأنهارها وثمارها [وبحارها وبهائمها] (٤) (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) : أي في باطن أمركم وظاهره. [وبعضهم يقول] (٥) : الظاهرة الإسلام والقرآن ، والباطنة ما ستر من العيوب والذنوب. قال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) فيعبد الأوثان دونه (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أتاه من الله (وَلا هُدىً) : أتاه من الله (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠) : أي مضيء. أي : بيّن لما هو عليه من الشرك. وتفسير الكلبيّ أنّها نزلت في النضر بن الحارث ، أخي (٦) بني عبد الدار.
__________________
(١) في ب وسع : «إبطال الحقّ» ، وفي سح : «بطل الحقّ» ، وكلاهما تصحيف ، صوابه ما أثبتّ : «بطر الحقّ» ، وهو أن يتكبّر الإنسان فينكر الحقّ ولا يقبله.
(٢) هو تتمّة الحديث السابق بزيادة : «والاستطالة عليهم» ، ولم تأت هذه العبارة في حديث مسلم ، ولم أجدها عند غيره ، ولعلّها من زيادة بعض النسّاخ تفسيرا لما سبق.
(٣) جاءت هذه الجملة مضطربة فاسدة في ب وع ، فأثبتّ تصحيحها من سح ورقة ٩٩.
(٤) زيادة من سح ومن ز.
(٥) زيادة يقتضيها سياق الكلام.
(٦) في ب وع : «أحد» ، وأثبتّ ما جاء في سح فهو أنسب وأفصح.