يقول المشركون.
قوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤١) : والفساد : الهلاك ، يعني من أهلك من الأمم السالفة بتكذيبهم رسلهم ، كقوله : (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) (٣٩) [الفرقان : ٣٩] ، أي : أفسدنا إفسادا ، أي : أهلكنا إهلاكا. (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي : لعلّ من بعدهم يرجعون عن شركهم إلى الإيمان ويتّعظون بهم.
وقوله : (فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال الحسن : أهلكهم الله بذنوبهم في برّ الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة. كقوله : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) يعني قوم لوط الذين كانوا خارجين من المدينة وأهل السفر منهم ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) يعني ثمودا (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) يعني قوم لوط ، أصاب مدينتهم الخسف ، وقارون ، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) [العنكبوت : ٤٠] يعني قوم نوح وفرعون وقومه (١).
قوله : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ) : كان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثمّ صيّرهم إلى النار (كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) (٤٢) : أي فأهلكناهم بشركهم.
قوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) : أي الإسلام (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) : أي يوم القيامة (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (٤٣) : أي يتفرّقون ، فريق في الجنّة وفريق في السعير.
قوله : (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) : أي يثاب عليه النار (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٤٤) : أي يوطئون في الدنيا القرار في الآخرة بالعمل الصالح (٢). ذكروا أنّ الله يقول
__________________
(١) أمّا الفرّاء فأوّل الآية في المعاني ، ج ٢ ص ٣٢٥ هكذا : «وقوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) يقول : أجدب البرّ ، وانقطعت مادّة البحر بذنوبهم ، وكان ذلك ليذاقوا الشدّة بذنوبهم في العاجل».
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٢٤ : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) من يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكّر والمؤنّث ، ومجازها ههنا مجاز الجميع. و (يمهد) أي : يكتسب ويعمل ويستعدّ. قال سليمان بن يزيد العدويّ :
امهد لنفسك حان السّقم والتّلف |
|
ولا تضيعنّ نفسا ما لها خلف». |