قوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) : أي لدين الله ، كقوله : (إِنَّ عِبادِي) أي : المؤمنين (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الإسراء : ٦٥] ، وكقوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) [الكهف : ١٧] أي : لا يستطيع أحد أن يضلّه. وكقوله : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) [النحل : ٩٩].
قال : (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠) : وهم المشركون.
قال : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) : أي مقبلين إليه بالإخلاص ، أي : مخلصين له (١). وهذا تبع للكلام الأوّل : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً). قال : (وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : أي المفروضة (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) : أي فرقا ، يعني أهل الكتاب (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ) : أي بما عليهم (فَرِحُونَ) (٣٢) : [أي : راضون] (٢).
قوله : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) : أي مخلصين في الدعاء (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) : أي كشف ذلك عنهم (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) : يعني المشركين (بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (٣٣).
قوله : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) : أي فكفروا بما آتيناهم من النعم حيث أشركوا (فَتَمَتَّعُوا) : أي إلى موتكم (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣٤) : وهذا وعيد هوله شديد. وهي تقرأ أيضا على الياء : (فيتمتّعوا) يخبر عنهم ، (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وعيدا لهم.
قال الله عزوجل : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) : أي حجّة (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ) : أي فذلك السلطان يتكلّم ، وهي الحجّة (بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) (٣٥) : وهذا استفهام ، أي : لم ينزل عليهم حجّة بذلك ، أي : لم يأمرهم أن يشركوا. قوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً:) أي عافية وسعة (فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) : أي شدّة وعقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) (٣٦) : أي ييأسون من أن يصيبهم رخاء بعد تلك الشدّة ، يعني المشركين.
__________________
(١) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٢٢ : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) أي : راجعين تائبين».
(٢) زيادة من سح ورقة ٨٩. وقال أبو عبيدة : «أي كلّ شيعة وفرقة بما عندهم (فَرِحُونَ).