به إلى الله (١).
قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) : قال الحسن : بمعرفته. وقال بعضهم : تأويل الحيّ : الفعّال. (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : [أي : ملك الرحمن العرش. وقال بعضهم : الاستواء هو الملك ، والقدرة قدر الله ، قدر على التمكن] (٢). هو الحيّ الذي لا يموت ، هو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش. قال : (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩) : أي خبيرا بالعباد.
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) : يعني المشركين (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) : على الاستفهام ، أي : لا نفعل. وهي تقرأ بالتاء والياء. فمن قرأها بالتاء : (تَأْمُرُنا) ، فهم يقولونه للنبيّ ، ومن قرأها بالياء فيقول : يقوله بعضهم لبعض : أنسجد لما يأمرنا محمّد. (وَزادَهُمْ) : أي قولهم لهم اسجدوا للرحمن (نُفُوراً) (٦٠) : أي عن القرآن.
قوله : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) : والبروج النجوم (٣) (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) : يعني الشمس (وَقَمَراً مُنِيراً) (٦١) : أي مضيئا. وهي تجري في فلك دون السماء. قوله : (الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ) ، والسماء كلّ ما ارتفع. وقال في آية أخرى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ) [النحل : ٨٩] أي : مرتفعات متحلّقات.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (٦٢). ذكروا عن الحسن قال : من عجز في الليل كان له في النهار مستعتب ، ومن عجز في النهار كان له في الليل مستعتب (٤). وقال مجاهد : يعني سواد الليل وبياض النهار.
__________________
(١) انظر معنى الاستثناء في الآية حسبما بيّنه أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٧٨.
(٢) العبارات التي بين المعقوفين ممّا انفردت به مخطوطة ب ، وكأنّي بها من زيادات بعض النسّاخ.
(٣) هذا قول قتادة والحسن. وقال ابن عبّاس : إنّ البروج هي منازل الشمس والقمر ، ويبدو لي أنّ هذا التفسير أنسب في هذه الآية وفي أوّل سورة البروج.
(٤) أي : وقت استعتاب ، أي : طلب العتبى بالطاعة والذكر والاستغفار. يقال : استعتبته فأعتبني ، أي : استرضيته فأرضاني. وانظر اللسان : (عتب).