يقوله للمشركين ، يذكّرهم نعمته عليهم ؛ يقول : فالذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة ، والذي يحيي ويميت ، والذي له اختلاف الليل والنهار قادر على أن يحيي الموتى.
قال : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ). (٨١) ثمّ أخبر بذلك القول فقال : (قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) : أي وعدنا أن نبعث نحن وآباؤنا فلم نبعث ، كقوله : (فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣٦) [الدخان : ٣٦]. قوله : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٨٣) : أي كذب الأوّلين وباطلهم. فأمر الله نبيّه أن يقول لهم :
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨٤) وقال : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ) : أي وإذا قالوا ذلك فقل (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٨٥) : فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها لله.
ثمّ قال : (قُلْ) لهم يا محمّد (مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٨٦) قال : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) فإذا قالوا ذلك (قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٨٧) وأنتم تقرّون أنّ الله خالق هذه الأشياء ، وهو ربّها. وقد كان مشركو العرب يقرّون بهذا كلّه.
ثمّ قال : (قُلْ) : لهم يا محمّد (مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ : مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي : ملك كلّ شيء وخزائنه. (وَهُوَ يُجِيرُ) من يشاء ، فيمنعه فلا يوصل إليه (وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) أي من أراد أن يعذّبه لم يستطع أحد منعه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨٨).
ثمّ قال : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) فإذا قالوا ذلك (قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) (٨٩) : أي عقولكم ، يشبّههم بقوم مسحورين ، ذاهبة عقولهم (١).
ثمّ قال : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ) : أي بالقرآن ، أنزله الله على النبيّ عليهالسلام (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٩٠). (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) وذلك لقول المشركين : الملائكة بنات الله. قال : (وَما
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٤١ : «وقوله : (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)) : تصرفون ، ومثله تؤفكون. أفك وسحر وصرف ، سواء».