تلك الجنّات (فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (١٩).
قوله : (وَشَجَرَةً) : أي وأنبتنا لكم بذلك الماء شجرة (تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) : وهي الزيتونة. والطور : الجبل ، وسيناء : الحسن ، كقوله : (وَطُورِ سِينِينَ) (٢) [التين : ٢] الجبل الحسن. وبعضهم يقول : (سَيْناءَ) : المبارك ، أي الجبل المبارك (١) ، يعني جبل بيت المقدس.
قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) : [قال مجاهد : تثمر بالدهن] (٢) (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) (٢٠) : أي هو دهن يدهن به ، وهو صبغ يصبغ به الآكلون. [أي : يأتدمون به] (٣). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الزيت من شجرة مباركة فائتدموا به وادهنوا به (٤).
قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) : أي لآية (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) : يعني اللبن. (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) : أي في ألبانها وظهورها ، وكلّ ما ينتفع به منها. قوله : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) : (٢١) يعني لحومها.
قوله : (وَعَلَيْها) : أي وعلى الإبل (وَعَلَى الْفُلْكِ) : أي السفن (تُحْمَلُونَ) (٢٢). وقد يقال : إنّها سفن البرّ. وقال في آية أخرى : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٤١) أي
__________________
(١) أورد ابن جرير الطبريّ في تفسيره ج ١٨ ص ١٤ هذين التأويلين لكلمة سيناء بأنّها الحسن والمبارك ، فلم يرتضهما ، وردّ على ذلك بما يلي : «والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنّ سيناء اسم أضيف إلى الطور ، يعرف به. كما قيل : جبلا طئّ ، فأضيفا إلى طئّ. ولو كان القول في ذلك كما قال من قال : معناه : جبل مبارك ، أو كما قال من قال : معناه : حسن ، لكان الطور منوّنا ، وكان قوله : (سَيْناءَ) من نعته ، على أن سيناء بمعنى مبارك وحسن غير معروف في كلام العرب ، فيجعل ذلك من نعت الجبل ، ولكنّ القول في ذلك إن شاء الله ، كما قال ابن عبّاس ، من أنّه جبل عرف بذلك ، وأنّه الجبل الذي نودي منه موسى صلىاللهعليهوسلم ، وهو مع ذلك مبارك ، لا أنّ معنى سيناء معنى مبارك».
(٢) زيادة من ز ورقة ٢٢٦ ، ومن تفسير مجاهد.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ٢٢٦. وفي اللسان : «صبغ اللقمة يصبغها صبغا ، دهنها وغمسها ... وكل ما غمس فقد صبغ».
(٤) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأطعمة ، باب الزيت (رقم ٣٣١٩) «عن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ائتدموا بالزيت وادّهنوا به فإنّه من شجرة مباركة». وأخرجه الترمذيّ في كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في أكل الزيت ، ولفظه : «كلوا الزيت وادّهنوا به فإنّه من شجرة مباركة».