ذكروا أنّ عمر بن الخطاب قال : وافقني ربّي ، أو وافقت ربّي في أربع : قلت : يا رسول الله ، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلّى ، فأنزل الله : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥]. ولمّا نزلت هذه الآية : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) قلت : تبارك الله أحسن الخالقين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والذي نفسي بيده لقد ختمها الله بما قلت (١). [وقلت : يا رسول الله ، لو حجبت نساءك ، فإنّه يدخل عليهنّ الصالح وغيره ، فأنزل الله آية الحجاب. وكان بين نبيّ الله وبين نسائه شيء ، فقلت : لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجا خيرا منكنّ ، فأنزل الله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ)] [التحريم : ٥].
قوله : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ) : أي بعدما ينفخ فيه الروح (لَمَيِّتُونَ) (١٥) : أي إذا جاء أجلكم. قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) (١٦).
قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) : أي سبع سماوات ، طبقة طبقة ، بعضها فوق بعض ، كقوله : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) (١٥) [نوح : ١٥] أي : طبقا طبقا ، بعضها فوق بعض. قوله : (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) (١٧) : أي إذ ننزل عليهم ما يحييهم ويصلحهم من هذا المطر.
قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) [الفرقان : ٥٠]. ذكروا أنّ عليّا قال : إنّ هذا الرزق يتنزّل من السماء كقطر المطر إلى كلّ نفس بما كتب الله لها. وبلغنا عن ابن مسعود أنّه قال : كلّ النخل ينبت في مستنقع الماء الأوّل إلّا العجوة فإنّها من الجنّة.
قال : (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) : قال الكلبيّ : يعني الأنهار والعيون والركيّ (٢) ، يعني الآبار. قال تعالى : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ) : أي على أن نذهب بذلك الماء (لَقادِرُونَ.) (١٨) قوله : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ) : أي فجعلنا لكم بذلك الماء (جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ) : أي في
__________________
ـ يضاهون بخلق الله».
(١) أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده إنّها ختمت بالذي تكلّمت يا عمر» ، كما ورد في الدرّ المنثور ، ج ٥ ص ٦.
(٢) الركيّ ، جمع ركيّة ، وهي «البئر تحفر» كما في اللسان ، وتجمع أيضا على ركايا.