الاجتناب عن ملاقيها ، اقتضاء المتبوع للتّابع ، بل يكون عينه على مبنى الاتّساع.
والسّر في عدم المجال لهذا الاستدلال هو أنّ الرّواية ضعيفة سندا وقاصرة دلالة ، أمّا ضعف السّند فلأجل اشتمالها على «عمرو بن شمر» الّذي لم يوثّقه أحد من أرباب علم الرّجال من القدماء ، بل ضعّفه النّجاشي قدسسره (١) وكذا العلّامة قدسسره فقال : «وهو ضعيف جدّا ، زيّد أحاديث في كتب جابر بن يزيد الجعفي ، ينسب إليه بعضها ، فالأمر ملتبس ، فلا أعتمد على شيء ممّا يرويه» (٢).
وأمّا قصور الدّلالة ، فلأجل أنّ الفأرة الواقعة في الخابية لعلّها قد تفسّخت واضمحلّت في السّمن أو الزّيت ، بحيث كان أكلها ملازما لأكلها ، ولذا علل عليهالسلام حرمة أكلها بحرمة أكلها ، أو لعلّ السّائل استبعد كون الفأرة مع صغرها موجبة للنّجاسة والحرمة ، ولذا قال : «الفأرة أهون عليّ ، فقال عليهالسلام في جوابه : إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء» ومعناه : هو عدم الفرق في ذلك بين الكبير والصّغير.
وكيف كان ، لا دلالة صريحة أو ظاهرة للرّواية على ما ادّعي من العينيّة بناء على مسلك الاتّساع ، مع أنّ ظاهر التّعليل والاستناد إلى التّحريم في قوله عليهالسلام : «إنّ الله حرّم الميتة ...» دليل واضح على مسألة التّفسّخ والاضمحلال.
ولك أن تقول في المنع عن دلالة الرّواية على المدّعى من وجوب الاجتناب عن الملاقي بعين وجوبه عن الملاقى (بالفتح) : بأنّ باب الطّهارات والنّجاسات الشّرعيّة ، كما أشرنا ، نظير باب النّظافات والقذارات العرفيّة ، بل أصل النّجاسة و
__________________
(١) راجع ، رجال النّجاشي : ص ٢٠٤ ، مكتبة الدّاوري.
(٢) رجال العلّامة الحلّي : ص ٢٤٢.