يرجع إلى اجتماع المصلحة الملزمة وعدمها في فعل شيء واحد ، كاجتماع الوجوب وعدمه فيه ، وهذا أمر محال مع قطع النّظر عن العجز وعدم القدرة في موقف الامتثال والإطاعة.
بتقريب : أنّ قيام إحدى الأمارتين على وجوب شيء موجب لحدوث مصلحة ملزمة فيه ، وقيام الاخرى على عدم وجوبه موجب لعدم المصلحة الملزمة فيه أو لزوالها عنه ، وهذا أمر مستحيل في نفسه.
وقد ظهر من هذا البيان ما في كلام المحقّق الخراساني قدسسره من الخلل ، حيث قال : «وأمّا لو كان المقتضي للحجّيّة في كلّ من المتعارضين ، لكان التّعارض بينهما من تزاحم الواجبين في ما إذا كانا مؤدّيين إلى وجوب الضّدّين [كوجوب الحركة والسّكون] أو لزوم المتناقضين [كلزوم الحركة واللّاحركة] لا فيما إذا كان مؤدّى أحدهما حكما غير إلزاميّ [كعدم الوجوب] فإنّه حينئذ لا يزاحم الآخر ؛ ضرورة عدم صلاحيّة ما لا اقتضاء فيه أن يزاحم به ما فيه الاقتضاء». (١)
وجه ظهور الخلل في هذا الكلام ، هو ما عرفت من استحالة اجتماع الاقتضاء واللّااقتضاء ذاتا وفي نفسه ، فلا يصل الدّور إلى مرحلة التّزاحم حتّى يقال : بعدم مزاحمة اللّااقتضاء للاقتضاء. هذا إذا كان التّعارض بوجه التّناقض.
وإمّا إن كان بوجه التّضاد ، فكذلك لا يدخل التّعارض في باب التّزاحم مطلقا ، بلا فرق بين صور ثلاث من التّضاد وهي دلالة أحد الدّليلين على وجوب شيء والآخر على حرمته ، أو دلالة أحدهما على وجوب شيء ، والآخر على
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٨٥ إلى ٣٨٧.