قال المولى ـ مثلا ـ لا تقتل أحدا ، حيث إنّ ترك قتل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس مساويا لترك قتل غيره ، وكذا إذا قال : لا تزن ، حيث إن الزّنا مع المحارم ليس مساويا للزّنا مع غيرها ، وكذا الزّنا مع ذات البعل ليس مساويا لغيرها وهكذا ، فيكتفى في الإطلاق الشموليّ بمقدّمات الحكمة وحدها ، بل يوجب انتفاء تلك المقدّمة (تساوي أقدام الأفراد) ويثبت عدم التّساوي بين العالم الفاسق والعالم غير الفاسق بحرمة إكرام الأوّل وعدم حرمة إكرام الثّاني ، ومعه يسقط البدليّ في مورد التّعارض وهو العالم الفاسق ، عن الحجّيّة.
وقد اورد عليه بعض الأعاظم قدسسره : «أنّ الإطلاق البدليّ لا يحتاج في إحراز المساواة إلى مقدّمة خارجيّة ؛ إذ نفس الإطلاق كاف لإثبات المساواة وأنّ جميع الأفراد واف بغرض المولى ، لأنّه لو كان بعض الأفراد وافيا بغرضه دون بعض آخر ، كان عليه البيان ، فإنّ الإطلاق نقض لغرضه ، فكما أنّ نفس الإطلاق في المطلق الشّمولي يدلّ على شمول الحكم لجميع الأفراد مع تماميّة مقدّمات الحكمة ، فكذا نفس الإطلاق في المطلق البدليّ يدلّ على كون كلّ واحد من الأفراد وافيا بغرض المولى مع تماميّة المقدّمات المذكورة». (١)
ولا يخفى : أنّ هذا الإيراد متين جدّا.
الوجه الثّالث : أنّ تماميّة الإطلاق في البدليّ متوقّفة على عدم المانع ، والإطلاق الشّموليّ صالح للمانعيّة عنه ، ولو تمسّك في دفع المانع بنفس الإطلاق البدليّ ، لزم الدّور ، لتوقّف تماميّة الإطلاق على عدم المانع المتوقّف على الإطلاق.
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٣٨٠.