به القطع لتنجّز ؛ وذلك ، لما عرفت منّا في المباحث الماضية ما هو معيار الفعليّة والإنشائيّة ، بل لم يقل ، ولا ينبغي أن يقول أحد : بدخل العلم في الفعليّة ، بل العلم دخيل في التّنجّز كالقدرة ؛ ولذا نقول : باشتراك العالمين والجاهلين في الأحكام الشّرعيّة. على أنّ المفروض هو كون متعلّق العلم الإجماليّ حكما فعليّا من جميع الجهات ، فيكون فرض عدم الفعليّة من بعض الجهات خلفا.
رابعها : أنّه لا معنى لقوله قدسسره : بانحفاظ موضوع الحكم الظّاهريّ وهو الجهل في مورد العلم الإجماليّ ؛ ضرورة ، أنّ العلم الإجماليّ بيان للتّكليف ، رافع للجهل به منكشف به الحكم انكشافا تامّا ، ومعه كيف يعقل أن يقال : بحفظ مرتبة الحكم الظّاهريّ وبقاء موضوعه وهو الجهل.
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره قد استفاد من كلام المحقّق الخراساني قدسسره أنّه أراد حلّ عويصة المناقضة بين الحكم الواقعيّ والظّاهريّ باختلاف الرّتبة بينهما ؛ ولذا أورد عليه : بأنّ المانع لا يكون تضادّ الأحكام كي يجاب باختلاف الرّتبة بينها ، بل المانع عبارة عن حكم العقل بوجوب متابعة العلم تنجيزا من غير فرق بين العلمين. (١)
واستفاد ذلك ـ أيضا ـ بعض الأعاظم قدسسره (٢) من كلام المحقّق الخراساني قدسسره.
ولكنّ الإنصاف ، أنّ هذه الاستفادة بعيدة عن مرامه قدسسره غاية البعد ؛ كيف ، وأنّه قدسسره قد صرّح هنا : بأنّ التّفصّي عن محذور المناقضة هو التّفصّي الّذي أشرنا إليه سابقا ، ويأتي إن شاء الله مفصّلا ، ومحصّل كلامه قدسسره الماضي والآتي ، هو ما ذكرناه من
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.
(٢) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٧١.