أمّا الشّبهة البدويّة ، فلأنّ المفروض ، أنّ التّكليف لم يكن في موردها واصلا حتّى يناقضه الحكم الظّاهري ، وهذا بخلاف مورد العلم الإجماليّ والشّبهة المحصورة المقرونة به.
وبعبارة اخرى : قياس العلم الإجماليّ والشّبهة المحصورة المقرونة به بالشّبهة البدويّة يكون مع الفارق ، كيف ، وأنّه لا بيان للتّكليف ولا وصول في مثل الشّبهة البدويّة ، بل تجري فيها قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بخلاف الشّبهة المقرونة به ، فإنّ فيها وصولا وبيانا ، لا تجري معه قاعدة القبح بلا كلام. هذا في الشّبهة البدويّة.
وأمّا الشّبهة غير المحصورة ، فلما سيجىء في مبحث الاشتغال من أنّ وجه جريان الأصل في أطرافها هو عدم منجّزيّة العلم الإجماليّ فيها ؛ لعدم التّمكن من إتيان جميع الأطراف أو تركها أو لوجود الضّرر أو الحرج في ذلك التّرك أو لضعف احتمال وجود المعلوم بالإجمال في مورد الارتكاب.
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما مثّل لتقريب المسألة ، حيث قال : «ألا ترى أنّه إذا كان ولدك العزيز في بلد مشتمل على مائة ألف نفس ، وسمعت بهلاك نفس واحدة من أهل البلد ، فإنّك لا تفزع ، لاحتمال كون الهالك ولدك ، ولو فزعت لكنت على خلاف المتعارف وصرت موردا للاعتراض ، وهذا ليس من باب قصور في المعلوم ، كما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره بل لضعف الاحتمال لا يعتني به العقل والعقلاء» (١).
ثالثها : أنّه لا أساس لقوله قدسسره : بالفعليّة التّعليقيّة في الحكم ، بمعنى : أنّه لو تعلّق
__________________
(١) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ١٦١.