الجمع بين الحكم الظّاهريّ والواقعيّ بالحمل على الفعليّ التّقديريّ والتّنجيزيّ ، كما لا يخفى على من راجع كلامه قدسسره.
والشّاهد على ما قلناه : هو أنّه قدسسره ـ على ما سيجيء ـ أجاب عن القول بالجمع بينهما باختلاف الرّتبة ، كما عن المحقّق الفشاركي قدسسره وظاهر كلام الشّيخ الأنصاري قدسسره في أوّل مبحث البراءة والتّعادل والتّراجيح ، فقال قدسسره : «كما لا يصحّ التّوفيق بأنّ الحكمين ليسا في مرتبة واحدة ، بل في مرتبتين ... فإنّ الظّاهري وإن لم يكن في تمام مراتب الواقعيّ ، إلّا أنّه يكون في مرتبته ـ أيضا ـ وعلى تقدير المنافاة لزم اجتماع المتنافيين في هذه المرتبة» (١).
فتحصّل : أنّ المستفاد من كلام المحقّق الخراساني قدسسره هو أنّه كان بصدد الجمع بين الحكمين بإمكان جعل الحكم الظّاهريّ مع العلم الإجماليّ لانحفاظ مرتبته معه ، وأمّا الجمع بينهما باختلاف الرّتبة ، فقد أخطأه وصرّح بعدم صحّته. وعليه ، فلا مجال لما عن شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره وبعض الأعاظم قدسسره من الإيراد عليه قدسسره مبتنيا على ما استفادا من كلامه قدسسره من أنّه قال : بالجمع باختلاف الرّتبة ، نعم ، يرد عليه ما ذكرناه آنفا ، فراجع.
هذا كلّه في الإذن والتّرخيص حول العلم الإجماليّ حسب مرتبة الجعل والتّشريع ، فقد عرفت : أنّه لا مجال للإذن والتّرخيص في هذه المرتبة أصلا ، لا بالنّسبة إلى جميع الأطراف ، ولا إلى بعضها.
وأمّا الإذن والتّرخيص حسب مرتبة الفراغ وتفريغ الذّمّة عمّا اشتغلت به ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٥٣ إلى ٥٥.