الإجماليّ ـ قبال الشّكّ البدويّ ـ لا العلّيّة التّامّة ، فقال ما محصّله (١) : إنّ حكم العقل بوجوب متابعة العلم الإجماليّ تعليقيّ ، لا تنجيزي. بتقريب : أنّ موضوع الحكم الظّاهري وهو الجهل منحفظ في كلّ واحد من الطّرفين أو الأطراف ؛ وذلك ، لعدم انكشاف التّكليف بالعلم الإجماليّ انكشافا تامّا ، فإذا لا مانع من الإذن والتّرخيص بالمخالفة مطلقا ، احتمالا كان أو قطعا.
نعم ، قد يتوهّم مناقضة حكم الظّاهريّ مع الواقعيّ هنا ، ولكن يدفع بأنّ محذور المناقضة يأتي في الشّبهة غير المحصورة والشّبهة البدويّة ـ أيضا ـ فيتفصّى عنها هنا بما يتفصّى عنها هناك ، من أنّه يحمل حكم الواقعيّ على الفعليّ التّعليقي ، بمعنى : أنّه لو علم به المكلّف لتنجّز عليه ، والحكم الظّاهريّ على الفعليّ التّنجيزيّ ، وعليه ، فالحكمان خلافان لا متناقضان.
ولا يخفى : أنّ في كلامه قدسسره مواقع للنّظر :
أحدها : أنّه لا معنى لقوله قدسسره : بعدم انكشاف التّكليف بالعلم الإجماليّ تمام الانكشاف ، بل فيه خلط بين التّكليف ومتعلّقه ؛ إذ التّكليف منكشف به كذلك ، كالعلم التّفصيليّ ، فلا إجمال فيه من هذه الجهة ، إنّما الإجمال في متعلّقه ، ولا غرو فيه ؛ لعدم اعتبار تمييز متعلّق التّكليف عن غيره ، بل اللّازم هو وصول التّكليف وقيام الحجّة عليه بعد فرض وجود القدرة ، والمفروض أنّه واصل.
ثانيها : أنّه لا وجه لما التزم به من وجود محذور المناقضة في الشّبهة غير المحصورة ، والشّبهة البدويّة ؛ إذ لا معنى لتطرّق ذلك في هاتين الشّبهتين.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٥.