في كلا التّرخيصين عقلا ، بل العقل يراهما مناقضا لما علم ثبوته في العهدة من التّكليف.
وإن شئت ، فقل : إنّ العلم الإجماليّ كالتّفصيليّ في انكشاف الحكم وإحراز التّكليف به ، وفي كونه رافعا لموضوع البراءة عقلا ، فينجّز التّكليف بنحو العلّيّة التّامّة كتنجيز العلم التّفصيليّ له بهذا النّحو.
غاية الأمر : يكون المكلّف في العلم الإجمالي جاهلا بمتعلّق التّكليف بعد إحراز نفسه وانكشاف التّامّ به ، وهذا الجهل لا يقدح ولا يكون عذرا شرعيّا أو عقليّا ، بل لا بدّ عقلا من الخروج عن عهدة ذلك التّكليف الإلزاميّ ، ولا يتأتّى الخروج عنها إلّا بفعل كلا الطّرفين ، أو كلّ الإطراف أو بالتّرك كذلك ؛ لكون الحكم والتّكليف في هذه الدّائرة وعدم خروجه عنها ، فإذا لا مساغ عقلا لجعل التّرخيص حول العلم الإجماليّ أصلا ، لا كلّا ولا بعضا ؛ لما عرفت : من لزوم التّرخيص في المعصية المقطوعة أو المحتملة وهو قبيح عند العقل والشّريعة ، بل مناقض لدى الارتكاز والفطرة.
فتحصّل : أنّ جعل التّرخيص في أطراف العلم الإجماليّ غير ممكن ثبوتا ، وأنّ اشتغال الذّمّة بالتّكليف في مورد العلم الإجماليّ يقينيّ تنجيزيّ غير منوط بعدم جريان الأصل. وواضح ، أنّ التّكليف اليقينيّ يقتضي الفراغ كذلك وهو لا يحصل إلّا بالموافقة القطعيّة بإتيان جميع الأطراف أو بتركها.
أمّا المرحلة الثّالثة : فقد انقدح حالها ممّا ذكر في المرحلة الثّانية ، بأنّ العلّيّة التّامّة للعلم الإجماليّ تكون مطلقة ، وبالنّسبة إلى الموافقة القطعيّة ، أيضا.
هذا ، ولكن التزم المحقّق الخراساني قدسسره بخصوص الاقتضاء والتّأثير في العلم