لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ ) (١).
وأمّا الجاريات ، فهي جمع جارية ، والمراد بها السفن ، بشهادة قوله سبحانه : ( حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ) (٢) وقال : ( وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ) (٣) وقال سبحانه : ( إِنَّا لَمَّا طَغَى المَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ ) (٤).
وأمّا المقسِّمات ، فالمراد الملائكة التي تقسم الأرزاق بواسطتها التي ينتهي إليه التقسيم.
يقول العلاّمة الطباطبائي : وإقسام بالملائكة الذين يعملون بأمره فيقسمونه باختلاف مقاماتهم ، فانّ أمر ذي العرش بالخلق والتدبير واحد ، فإذا حمله طائفة من الملائكة على اختلاف أعمالهم انشعب الأمر وتقسم بتقسمهم ، ثمّ إذا حمله طائفة هي دون الطائفة الأُولى تقسم ثانياً بتقسمهم وهكذا ، حتى ينتهي إلى الملائكة المباشرين للحوادث الكونية الجزئية فينقسم بانقسامها ويتكثر بتكثرها.
والآيات الأربع تشير إلى عامة التدبير حيث ذكرت انموذجاً ممّا يدبّر به الأمر في البر وهو الذاريات ذرواً ، وانموذجاً ممّا يدبّر به الأمر في البحر وهو الجاريات يسراً ، وانموذجاً ممّا يدبّر به الأمر في الجو وهو الحاملات وقراً ، وتمم الجميع بالملائكة الذين هم وسائط التدبير ، وهم المقسِّمات أمراً.
فالآيات في معنى أن يقال : أُقسم بعامة الأسباب التي يتمم بها أمر التدبير
__________________
(١) الأعراف : ٥٧.
(٢) يونس : ٢٢.
(٣) البقرة : ١٦٤.
(٤) الحاقة : ١١.