تخمد شهوته ، حينها يصفو أمامه جمال الحياة وتنكشف مضرات اللّذة فتستيقظ النفس اللوامة وتأخذ باللوم والعذل إلى حد ربما تدفع بصاحبها إلى الانتحار ، لعدم تحمله وطأة تلك الجريمة.
وهذه النفس حيّة يقظة لا تتصدع بكثرة الذنوب وإن كانت تضعف بممارستها.
٣. النفس المطمئنّة
وهي النفس التي توصلها النفس اللوّامة إلى حد لا تعصف بها عواصف الشهوة ، وتطمئن برحمة الرب وتحس بالمسؤولية الموضوعة على عاتقها أمام الله وأمام المجتمع ، يقول سبحانه : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) (١) فصاحب هذه النفس يمتلئ بالسرور والفرح عند الطاعة وتجد في صميمها لذة للطاعة وحلاوة للعبادة لا يمكن وصفها بالقلم واللسان.
وبعبارة أُخرىٰ : النفس المطمئنّة هي التي تسكن إلى ربها وترضىٰ بما رضي به ، فترى نفسها عبداً لا يملك لنفسه شيئاً من خير أو شر أو نفع أو ضر ، ويرى الدنيا دار مجاز ، وما يستقبله فيها من غنى أو فقر أو أي نفع وضر ، ابتلاء وامتحاناً إلهياً ، فلا يدعوه تواتر النعم عليه إلى الطغيان ، وإكثار الفساد ، والعلو والاستكبار ، ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر وترك الشكر ، بل هو في مستقر من العبودية لا ينحرف عن مستقيم صراطه بإفراط أو تفريط (٢).
وهناك كلمة قيمة للحكيم محمد مهدي النراقي حول واقع النفوس الثلاث ،
__________________
(١) الفجر : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) الميزان : ٢٠ / ٢٨٥.