وقد يفهم من ضرب المثل صنعه وإنشاؤه ، فيكون مشتقاً من ضرب اللِّبْنِ وضرب الخاتم.
أو قد يكون من الضرب بمعنى : إبقاء شيء على شيء (١).
ومنه ضرب الدراهم : أي إيقاع النموذج الذي به الصّكُ على الدراهم لتنطبع به ، فكأنّ المثل مطابق للحالة ، أي للصفة التي جاء لإيضاحها ، وخلاصة القول : ضرب المثل مأخوذ : إمّا من :
١. ضرَب في الأرض بمعنى : سار.
٢. ضربه : نصبه للناس وأشهره.
٣. ضرب : صنع وأنشأ.
٤. ضرب : إبقاء شيء على مثال شيء (٢).
وبذلك يُعلم تفسير قوله سبحانه : ( ... وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) (٣).
نرى أنّ المشركين وصفوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بكونه رجلاً مسحوراً ، فيردّ عليه سبحانه باستنكار ويقول : (انظُرْ ـ أيّها النبي ـ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ ) أي كيف وصفوك بأنّك مسحور مع أنّ سيرتك تشهد على خلاف ذلك ، وما تتلوا من الآيات كلامه سبحانه لا صلة له بالسحر وانّ ما يجدونه خلاَّباً للعقول وآخذاً بمجامع القلوب فإنّه هو لأجل عذوبته وجماله وإعجازه الخارق وأين هو من السحر ؟!
__________________
(١) تلخيص البيان في مجازات القرآن : ١٠٧.
(٢) الأمثال في القرآن الكريم : ٢٠ ـ ٢١.
(٣) الفرقان : ٨ ـ ٩.