قوله : (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) (١) ،.
(وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) من القحط وأصناف المكاره. والمشيئة متعلقة بالدخول المكيّف بتلك الهيئة لا بالأمن. وقال ابن جزى : راجعة إلى الأمن. قال البيضاوي : وكان أولاد يعقوب الذين دخلوا مصر اثنين وسبعين رجلا ، وامرأة ، وكانوا حين خرجوا مع موسى ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وتسعين رجلا سوى الذرية ، والهرمى. ه.
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) ، أي : حين دخلوا قصر مملكته ، (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) ؛ تحية وتكرمة ؛ فإن السجود كان عندهم يجرى مجرى التحية. وقيل : معناه : خروا لأجله سجدا لله ؛ شكرا. وقول البيضاوي : الرفع مؤخر عن الخرور ، فيه نظر ؛ لما تقدم عن صاحب الزهر الأنيق ، ولا داعى إلى الخروج عن الظاهر إلا بنص صريح.
قال ابن عطية : واختلف فى هذا السجود ؛ فقيل : كان المعهود عندنا من وضع الوجه بالأرض ، وقيل : بل دون ذلك ؛ كالركوع البالغ ونحوه ، مما كان سيرة تحيتهم للملوك فى ذلك الزمان. وأجمع المفسرون أن ذلك السجود ، كيفما كان ، إنما كان تحية لا عبادة.
قال قتادة : هذه كانت تحية الملوك عندهم ، وأعطى الله هذه الأمة السّلام تحية أهل الجنة. ثم قال : قال أبو عمرو الشيباني : تقدم يوسف يعقوب عليهالسلام فى المشي فى بعض تلك المواطن ، فهبط جبريل فقال : أتتقدم أباك؟ إن عقوبتك لذلك ألا يخرج من نسلك نبى. ه. قال المحشى الفاسى : وما أظن لهذا صحة ، وقد كان من ذريته «يوشع بن نون» عليهالسلام ، ويوسف المذكور فى سورة الطّول (٢) على قول. وفى البيضاوي : وكان عمر يوسف مائة وعشرين سنة ، وقد ولد له من راعيل : إفرائيم وميشا ، وهو جد يوشع بن نون ورحمة امرأة أيوب. ه. قلت : المذكور فى قصة أيوب أن زوجه رحمة إنما كانت ابنة إفرائيم بن يوشع لابنته.
ثم قال : (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) ؛ التي رأيتها أيام الصبا ، وهى : رؤيا أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون لى ، (قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) : صدقا. وكان بين رؤياه وبين صدق تأويلها ثمانون عاما ، وقيل : أربعون ، وهو الأصح. (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) ، ولم يذكر الجب ؛ لئلا يخجل إخوته ، ولأنه خرج من الجب إلى الرق ، ومن السجن إلى الملك ، فالنعمة هذا أوضح. (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) : من البادية ؛ لأنهم كانوا أصحاب المواشي وأهل البدو ، فعد عليهم من النعم انتقالهم للحاضرة ؛ لأنها محل الراحة. (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) : أفسد بيننا وحرش ، من نزغ الدابة إذا نخسها. (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ)
__________________
(١) من الآية ١٣٣ من سورة البقرة.
(٢) أي سورة غافر من الآية ٣٤.