وحقيقة الأمر ما قاله المقدسي البشاري وهو وجود تشابه بين مؤلّف الجيهاني ومؤلّف ابن خرداذبه. حيث تقول إحدى مسودات كتاب المقدسي المسمى أحسن التقاسيم : «ورأيت كتابه ـ أي كتاب الجيهاني ـ في خزائن عضد الدولة غير مترجم. وقبل بل هو لابن خرداذبه. ورأيت مختصرين بنيشابور غير مترجمين ، أحدهما للجيهاني والآخر لابن خرداذبه تتفق معانيهما غير أن الجيهاني قد زاد شيئا يسيرا» (١).
ومع ذلك تظل المسألة غامضة بعض الشيء. إذ المعروف أن ابن خرداذبه قد كتب كتابه المسالك والممالك عام ٢٥٠ ه ـ ورأينا تشابها في نصوصه في كثير من نصوص ابن الفقيه الذي كتب كتابه أواخر عام ٢٨٩ أو أوائل ٢٩٠ ه ـ وأن ابن الفقيه قد ذكره وكتابه بقوله (قال صاحب كتاب المسالك والممالك وهو عبد الله بن محمد بن خرداذبه ...» (ص ٢٠٣ من مختصر البلدان) كما نقل عنه رحلة سلام الترجمان. ترى هل أن الجيهاني الذي ألّف كتابه فيما بعد قد أفاد من ابن خرداذبه
__________________
ـ الأمير الرضي نوح بن منصور. انتهى كلامه.
والحقيقة هي أن مؤلف المسالك هو أبو عبد الله محمد بن أحمد وزير نصر بن أحمد. وأن الذي ذكره الدكتور جواد هو حفيد الوزير المذكور آنفا. وكان المحقق الإيراني قزويني المتوفى عام ١٩٤٩ كتب بحثا ذكر فيه مجموعة من آل الجيهاني ومنهم الوزراء وقال إن الأول منهم وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد هو صاحب المسالك (ياد داشتهاي قزويني ٢ : ٣٩٤ ـ ٤٠١) وقد فصل شيئا من حياته وعلمه وإرساله المبعوثين إلى البلدان ، المؤرخ گرديزي في تاريخه ص ٣٣٠. وانظر أيضا تركستان لبارتولد ٧٤ ، ٢٠٤. ونقرأ أيضا لدى المسعودي : «أبو عبد الله محمد بن أحمد الجيهاني وزير نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد صاحب خراسان. ألف كتابا في صفة العالم وأخباره وما فيه من العجائب والمدن والأمصار والبحار والأنهار والأمم ومساكنهم وغير ذلك من الأخبار العجيبة والقصص الظريفة». التنبيه والإشراف ٦٥.
أخيرا لا تثريب على من يخطئ في من يكون الجيهاني صاحب المسالك. فابن النديم قد التبس عليه الأمر (انظر ص ١٥٣ و ٤٠١). وتابعه على ذلك ياقوت في معجم الأدباء (انظر ٤ : ١٩٠) اعتمادا على ابن النديم.
(١) تركستان ٧٤ ـ ٧٥.