الناس وسلخ كتاب الجيهاني. وكتاب ذكر الشعراء المحدثين والبلغاء منهم والمفحمين» (١).
لقد لاحظ العالم كراتشكو فسكي منذ وقت مبكر تهافت قول ابن النديم بأن ابن الفقيه سلخ كتاب الجيهاني المعروف بالمسالك والممالك فقال :
«يجب أن نأخذ بعين الحذر والارتياب قول صاحب (الفهرست) أن ابن الفقيه قد (سلخ) كتاب الجيهاني. حقا إن الطابع النقلي لكتاب ابن الفقيه ليس في الوسع إنكاره ، ولكن كتابه يرجع تأليفه إلى ما قبل عام ٢٩٠ ه أي قبل أن يخرج الجيهاني إلى عالم الوجود»(٢).
ومع ذلك تواصلت الهجمات على ابن الفقيه واتهامه بسلخ كتاب الجيهاني. فنقل ياقوت نفس ما قاله ابن النديم (٣). وقفى على آثاره المستشرق رينو فادعى أن ابن الفقيه قد اختصر كتاب الجيهاني وأضاف «إن اختصار الكتاب ربما كان هو السبب في إهمال شأنه» (٤) واستخدم المرحوم العلامة مصطفى جواد ألفاظا أقسى حين ذكر كتاب الجيهاني المسالك والممالك وقال «وهو الكتاب الذي سلبه ابن الفقيه الهمداني وسرقه» (٥).
__________________
(١) الفهرست ١٧١. ولابن الفقيه كتاب آخر ذكره هو في كتابه البلدان فقال بعد أن انتهى من أخبار خالد بن سنان : «وقد ذكرنا أخباره في كتاب العجائب» (١٢٩ ب).
(٢) تاريخ الأدب الجغرافي العربي ١ : ٢٢٢. ولقد كان الجيهاني في الوجود آنذاك ويبدو أن كراتشكو فسكي قد التبس عليه الأمر فخلط بينه وبين جيهاني آخر. فالمعروف أن الجيهاني وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد قد تولى الوزارة لنصر بن أحمد الساماني منذ عام ٣٠١ ه. أما الأستاذ بروكلمان (٤ : ٢٤٤) فقد ذهب إلى أنه «أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني وزير نصر بن أحمد بن نصر الساماني (٢٦١ ـ ٢٧٩ ه ـ) وأن الكتاب كتب في بخارى بين سنتي ٢٧٩ و ٢٩٥ ه ـ.
(٣) معجم الأدباء ٤ : ٢٠٠.
(٤) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ٢ : ٩ تعليق للأستاذ خدابخش.
(٥) محاضرة في المهرجان الألفي لابن سينا. (كتاب المهرجان ص ٢٥٦). وقال إن مؤلف الكتاب هو أبو عبد الله أحمد بن محمد الجيهاني وزير الأمير السديد منصور بن نوح ثم وزير ـ