وأنه مباح لمن أراده ، فلمّا آنست به قلت : أيها الملك أريد أن أسأل عن شيء قال : سل عما بدا لك. قلت : إني رأيت أسدين وسيفين وسحابتين كان من قصّتهما كيت وكيت ، ولم أعرف السبب. قال : أما الأسدان والسيفان فإنهما حيلة تحتال لمن ورد علينا من رسل الملوك لنروّعهم بذلك ، وإذا قرب الرجل منهم سكنت كما رأيت ، وأما السحابتان فإني أعلمك خبرهما ، ثم ضرب بيده إلى ثني فراشة فاستخرج قطعة ياقوت أحمر كالنعل ، فإذا السحابة قد غشيتنا من ضوءها ثم ردّها واستخرج أختها من زمرّد أخضر فغشيتنا السحابة الخضراء ، فلمّا أزف خروجي وأجاب عن الكتاب قال : امض بنا إلى قصري فخرجنا حتى انتهينا إلى قصر عليه حفظة فدخلنا فإذا بيوت مختومة ، فأمر بباب منها ففتح ، فإذا جرب بيض منضّدة حوالي البيت ، ثم قال : أشر إلى ما شئت منها ، فأشرت إلى جراب منها فأمر ببرنيّة فملئت منها ، ثم أمر بختمها ، ثم استفتح بابا آخر كالأول في طوله ، فإذا جرب حمر فقال : أشر إلى ما شئت منها ، فأشرت إلى جراب منها فملئت منه برنيّة ثم ختمها وانصرفنا إلى القصر ، فدعا بكير ومنفاخ ورطل نحاس ورطل رصاص ، فأمر بأحدهما فأذيب ، وأمر أن يلقى عليه من الدواء الأبيض ما يحمل ظفر الإبهام ، ثم أفرغه فخرج فضّة بيضاء ، ثم أذيب النحاس وألقي عليه من الأحمر مثل ذلك فخرج ذهبا أحمر فقال : أعلم صاحبك أن هذا مالي ، وأما الخيل والرجال فإنك تعلم أنهم أكثر وأكبر ، فقال عمارة : فحدّثت المنصور بهذا الحديث ، فكان هذا الذي حداه على طلب الكيمياء. قال عمارة : وأعجب ما رأيت في مجلسه أنه كان إذا أراد أن يصرف الناس خرجت في ظهر كلّ رجل كفّ من الحائط فيدفعه فيعلم أنه قد أمر بالقيام.
وقال سيف بن عمر : كان ملك الروم الأوّل من آل بالع بن بعور ، وبنى قرية دنحب ، ثم ملك بعده يوبب بن زرح ، ثم ملك بعده هوشم ، ونزل التّيمن ، ثم ملك بعده هدد بن بدد الذي قتل المدنيّين ، ثم ملك سمل بن مسرق ، ثم عدّة كثيرة.
وقال حذيفة : كان على الروم ملك يقال له مورق سيّء السيرة ، فاجتمع إليه