فكان يقول : أنت أكلت كذا وكذا ، وشربت كذا وكذا ، ورفعت كذا وكذا ، فمنهم من يقبل منه فيؤمن ، ومنهم من يكفر ، وكان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين. (١)
قوله سبحانه : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ)
اقتران الجملتين يوضح أنّ تحليله بعض الذي حرّم في التوراة من قبيل النسخ ببيان أمد الحكم وليس تغييرا لشريعة موسى.
وفي تفسير العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : كان بين داود وعيسى بن مريم أربعمائة سنة ، وكانت شريعة عيسى أنّه بعث بالتوحيد والإخلاص وبما أوصى به نوح وإبراهيم وموسى ، وانزل عليه الإنجيل ، واخذ عليه الميثاق الذي اخذ على النبيّين ، وشرع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحريم الحرام وتحليل الحلال ، وانزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ، ليس فيها قصاص ولا أحكام حدود ولا فرض مواريث ، وانزل عليه تخفيف ما كان [نزل] على موسى في التوراة ، وهو قول الله في الذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) ، وأمر عيسى من معه ممّن اتّبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل. (٢)
قوله سبحانه : (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ)
لمّا كان قوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) متفرّعا على مجيئه بالآية المذكورة في صدر الآية ،
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ١٠٢ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٤٨.
(٢). تفسير العيّاشي ١ : ١٧٥ ، الحديث : ٥٢ ؛ بحار الانوار ١٤ : ٢٣٤ ، الحديث : ٤ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٥٠ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٢ : ٤٠٥ ، الحديث : ٨.