قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) كما عرفت آنفا ، وحينئذ يكون قوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا) خبرا لضمير مقدّر راجع إلى الراسخين بمعنى يشمل سائر مراتبه فيصحّ منهم الجهل ، وإذا حمل الراسخون في العلم على المعنى الشامل كان الأنسب للواو الإستئناف من دون تشريك في الحكم.
ويؤيّد ما ذكرناه ما في الاحتجاج عن عليّ ـ عليهالسلام ـ في حديث ، قال : ثمّ إنّ الله جلّ ذكره لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كلامه ، (١) قسّم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ، ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلّا الله وامناؤه والراسخون في العلم. وإنّما فعل ذلك لئلّا يدّعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله من علم الكتاب ما لم يجعله (٢) لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الايتمار لمن ولّاه أمرهم فاستكبروا عن طاعته تعزّزا وافتراء على الله عزوجل واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله عزوجل ورسوله. (٣)
وعن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ أنّه سئل : هل عندكم شيء من الوحي [إلّا ما في كتاب الله]؟ قال : لا ، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إلّا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه (٤) (٥).
وفي الكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال : قال
__________________
(١). في المصدر : «كتابه»
(٢). في المصدر : «يجعل الله»
(٣). الاحتجاج ١ : ٢٥٣.
(٤). في المصدر : بل «إلّا ... كتابه» : «ما أعلمه إلّا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن»
(٥). عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار : ٣١٤ ، الحديث : ٥٢٧.