هدي إلى صراط مستقيم ، ثمّ قال : إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها [دون] محكمها فتضلّوا. (١)
أقول : والروايات كما ترى متقاربة في تفسير المتشابه ، ولا يظهر منها شيء في كون المراد بالمتشابه هو التأويل المختصّ علمه بأهله ، بل الأمر بالعكس على ما يلوح من الرواية الآتية :
وفي تفسير العيّاشي أيضا عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ـ عليهمالسلام ـ : إنّ رجلا قال لأمير المؤمنين : هل تصف لنا ربّنا نزداد له حبّا ومعرفة؟ فغضب عليهالسلام وخطب الناس ، فقال فيما قال : عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته وتقدّمك فيه الرسول من معرفته ، [فأتمّ به] (٢) واستضيء بنور هدايته ، فإنّما هي نعمة وحكمة اوتيتها ، فخذ ما اوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلّفك الشيطان عليه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهداة أثره فكل علمه إلى الله ، ولا تقدّر عظمة الله على قدر عقلك ، فتكون من الهالكين.
واعلم يا عبد الله أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الإقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب الإقرار بجملة (٣) ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، وقد مدح الله اعترافهم العجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه
__________________
(١). عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ ١ : ٢٩٠ ، الحديث : ٣٩ ؛ تقسير الصافي ١ : ١٤.
(٢). ساقط عن الأصل.
(٣). في المصدر : «بجهل» ، وفي نهج البلاغة : «بجملة»