فلا بدّ من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع عن غيرها ، وهو أحد أمور :
الأوّل : العقل فيقال : إنّ مقتضاه كون جميع القيود قيودا للموضوع مأخوذة فيه ، فيكون الحكم ثابتا لأمر واحد يجمعها ؛ وذلك لأنّ كلّ قضية ، وإن كثرت قيودها
______________________________________________________
كما في مثال الماء اذا تغيّر حيث لم يعلم ان الموضوع هل هو الماء المتغيّر ، أو الماء وحده والتغيّر علة محدثة؟ (فلا بدّ من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع) حتى اذا ذهبت تلك القيود ذهب الموضوع فيميّزها (عن غيرها) من القيود التي لم تؤخذ في الموضوع ، حتى اذا ذهبت لم يذهب الموضوع بل يكون باقيا ، فيجري فيه الاستصحاب.
(وهو) اي : هذا الميزان (أحد أمور) تالية :
(الأوّل : العقل) وذلك بأن يميّز العقل ان هذا القيد هل هو من قيود الموضوع او ليس من قيوده؟ (فيقال : إنّ مقتضاه) اي : مقتضى العقل : (كون جميع القيود قيودا للموضوع) بلا فرق بين ان يكون القيد في لفظ الدليل قيدا للموضوع أو قيدا للحكم ، او يكون الدليل مجملا من هذه الجهة ، فان العقل يرى كل القيود في الحقيقة (مأخوذة فيه) اي : في الموضوع حدوثا وبقاء ، فما دام ذلك القيد موجودا فالحكم موجود ، فاذا ذهب القيد ذهب الحكم ، فالعقل يرى مدخلية جميع القيود في حصول مناط الحكم.
وعليه : (فيكون الحكم ثابتا لأمر) اي : لموضوع (واحد يجمعها) اي : يجمع ذلك الموضوع كل تلك القيود ، فاذا انتفى أحد القيود انتفى الموضوع بانتفائه.
(و) إنّما كان مقتضى العقل (ذلك ، لأنّ كلّ قضية ، وإن كثرت قيودها