فانه لو قطع العمل المشكوك فيه واستأنفه نوى الوجوب على وجه الجزم ، فان أتمّه ثم أعاد فاتت منه نية الوجوب فيما هو الواجب عليه.
ولا شك أنّ هذا الاحتياط على تقدير عدم وجوبه أولى من الاحتياط المتقدّم ، لأنّه كان الشك فيه في أصل التكليف ، وهذا شك في المكلّف به.
______________________________________________________
وعليه : (فانه لو قطع العمل المشكوك فيه) بسبب الزيادة (واستأنفه ، نوى الوجوب على وجه الجزم) لانه يعلم ان هذه الصلاة هي الصلاة التي يريدها المولى منه ، بينما ليس كذلك لو أتمّ ثم أعاد كما قال : (فان أتمّه ثم أعاد فاتت منه نية الوجوب فيما هو الواجب عليه) لانه بعد اتمام العبادة المشكوكة يحتمل حصول الواجب الواقعي بتلك العبادة ، فاذا شرع في الثانية شرع فيها من دون جزم بوجوبها عليه ، فلا يتمكن حينئذ من نية الوجه فيها جزما.
إذن : فالاحتياطان متعارضان (ولا شك ان هذا الاحتياط) وهو : ابطال العمل الأوّل والاتيان بالثاني بنيّة الجزم فانه حتى (على تقدير عدم وجوبه) أي : عدم وجوب الجزم ـ كما هو كذلك ـ يكون (أولى من الاحتياط المتقدّم) وهو : اتمام العبادة المشكوكة ثم اعادتها.
وإنّما يكون ذلك أولى (لأنّه كان الشك فيه) أي : في الاحتياط المتقدّم بالاتمام شكا (في أصل التكليف ، و) ذلك للشك في انه هل كلّف بالاتمام أم لا؟ وإذا كان الشك في أصل التكليف كان محلا للبراءة.
بينما (هذا) أي : الشك في وجوب الجزم بالنية (شك في المكلّف به) لانّ التكليف متيقن ، وإنّما يشك في ان المكلّف به ، هل هو العمل بدون نية الجزم أو معها؟ فاللازم ان يأتي به معها حتى يكون فارغا يقينا مما اشتغلت به ذمته ، ولا يكون ذلك إلّا بالاستيناف.