ثم إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرريّ ، كأدلّة لزوم العقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ،
______________________________________________________
إزهاق الروح ، أو شلّ حس ، أو نقص طرف وعضو ، ولذلك كان النبي وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين يقفون في النوافل حتى تتورم أقدامهم ويعبدون الله حتى يكونوا كالشنّ البالي ، وان الامام الحسن المجتبى عليهالسلام حجّ ماشيا حتى ورمت قدماه ، وان الامام الحجة عليهالسلام يبكي على جدّه الامام الحسين عليهالسلام كما ورد حتى يتبدل دمعه دما مع وضوح : انه نوع من الضرر.
هذا ، ومنه يعرف : ان الاضرار بالغير إذا كان مما لا يجوز ارتكابه في حق نفسه ، كقطع يده أو إحراق ماله ، فانه لا يجوز ارتكابه في حق الغير وان رضي الغير به وأجازه ، أمّا إذا كان الاضرار بالغير مما يجوز ارتكابه في حق نفسه ، فانه يجوز له ان يجيز الغير فيه ، كأن يجيزه لأن يلقي متاعه في الشارع ، أو يجرحه جرحا غير محرّم ، أو ما أشبه ذلك.
وحيث أنهى المصنّف الكلام حول مدرك قاعدة لا ضرر ، ومعنى اللفظين : لا ضرر ولا ضرار ، ومعنى نفي الضرر والضرار ، شرع في الأمر الرابع وهو : ما أشرنا إليه في أول المبحث : من بيان نسبة هذه القاعدة مع سائر العمومات فقال :
(ثم إنّ هذه القاعدة) : «لا ضرر» (حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرريّ) أي : ان تلك العمومات لو بقيت ونفسها لدلت على تشريع أحكامها سواء كانت ضررية أم لا؟.
أمّا العمومات فهي (كأدلّة لزوم العقود) مثل قوله سبحانه : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) (وسلطنة الناس على أموالهم) مثل قوله عليهالسلام : «الناس مسلّطون
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ١.