إنّ الأحكام الوضعية على القول بتأصّلها هي الامور الواقعية المجعولة للشارع ، نظير الامور الخارجية غير المجعولة ، كحياة زيد وموت عمرو ، ولكنّ الطريق إلى تلك المجعولات كغيرها ، قد يكون هو العلم ، وقد يكون هو الظن الاجتهادي ، أو التقليد ،
______________________________________________________
وعليه : فانه بناء على وجود قسمين من الحكم نقول : (إنّ الأحكام الوضعية على القول بتأصّلها) أي : جعل الشارع لها بالأصالة لا تبعا للأحكام التكليفية (هي الامور الواقعية) فلا يكون للعلم والظن ، والشك والوهم ، والتقليد والاجتهاد مدخلية فيها ، ولذلك فان وقع العمل موافقا لما جعله الشارع من الواقع ، ترتب عليه الأثر سواء وافقه الاجتهاد أم خالفه ، وان وقع العمل مخالفا لما جعله الشارع من الوقاع لم يترتب عليه الأثر ، سواء وافقه الاجتهاد أم خالفه؟.
إذن : فالأحكام الوضعية ، هي الامور الواقعية (المجعولة للشارع ، نظير الامور الخارجية غير المجعولة ، كحياة زيد وموت عمرو).
وإنّما تكون نظيرها لأنها لا تتغير عما هي عليه واقعا ، وافقها الاجتهاد أم خالفها ، فكما انه إذا اجتهد في التكوينيات لم يؤثر اجتهاده في تبديل حياة زيد إذا كان حيا واقعا إلى الموت ، كذلك إذا اجتهد في المجعولات الشرعية لم يؤثر اجتهاده في تبديل صحة المعاملة إذا كانت صحيحة واقعا إلى الفساد ، فالواقع باق على ما هو عليه وان خالفه الاجتهاد.
هذا (ولكنّ الطريق إلى) إثبات (تلك المجعولات) الشرعية من الأحكام الوضعية مثل : صحة المعاملة وفسادها ، تكون (كغيرها) من التكوينيات مثل :
حياة زيد وموت عمرو ، على أقسام : فالطريق اليها (قد يكون هو العلم ، وقد يكون هو الظن الاجتهادي ، أو التقليد) أو الاستصحاب ـ مثلا ـ.