والأوامر الواردة بالعبادات فيه ، كالصلاة والصوم والحجّ ، كلّها على أحد الوجهين ، والغالب فيها الثاني.
______________________________________________________
مثلا : راجع المريض الطبيب صباح يوم الجمعة فقال له الطبيب : لا بد لك من شرب الدواء ، وراجعه عصر يوم الجمعة فقال له : اشرب العنّاب الأحمر والعنّاب الأسود والبنفسج والنّبات مخلوطا ثم راجعه صباح يوم السبت فقال له : لا بد من ان تشرب الدواء ، فان ما قاله صباح يوم الجمعة كان إشارة إلى ما سوف يفصله عصرا ، وما قاله صباح يوم السبت كان إشارة إلى ما فصله عصر أمس.
وعلى كلا التقديرين فقوله قبل العصر وبعد العصر ليس اشارة إجمالية إلى الدواء بدون ان يكون له تفصيل حتى يتمسك المريض باطلاقه.
(و) عليه : فاذا عرفت ذلك في الدواء نقول : (الأوامر الواردة بالعبادات فيه) أي : في الشرع (كالصلاة والصوم والحجّ ، كلّها على أحد الوجهين) السابقين ، فانها وردت إمّا قبل البيان ، وإمّا بعد البيان (والغالب فيها الثاني) بأن كان ورود الأوامر بالعبادات بعد بيان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها.
إذن : فلا يمكن التمسك باطلاق : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (١) ولا باطلاق : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٢) ولا باطلاق : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٣) ولا باطلاق سائر آيات الأحكام ، لانها كما قلنا : ليست في مقام بيان الكيفية ، بل في مقام أصل التشريع والتأكيد عليها ، وإنما أو كل بيان الكيفية فيها إلى رسوله ومن بعده إلى أهل بيت رسوله صلوات الله عليهم أجمعين ، حتى تواتر
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٤٣.
(٢) ـ سورة آل عمران : الآية ٩٧.
(٣) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.