ثم قال : «ومنها : أنّ اجتناب الشبهة في نفس الحكم أمر ممكن مقدور ، لأنّ أنواعه محصورة ، بخلاف الشبهة في طريق الحكم ، فاجتنابها غير ممكن ، لما أشرنا إليه من عدم وجود الحلال البيّن ولزوم تكليف ما لا يطاق.
والاجتناب عمّا يزيد على قدر الضرورة حرج عظيم وعسر شديد ،
______________________________________________________
بينك وبينها إلّا أنّهم عبادك وخلقك ، فتقها ورتقها بيدك ، بدؤها منك وعودها اليك ، أعضاد وأشهاد ومناة وأذواد وحفظة وروّاد ، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتّى ظهر أن لا إله إلّا أنت» (١) وفي دعاء آخر : «فبكم يجبر المهيض ، ويشفى المريض ، وما تزداد الأرحام وما تغيض» (٢) الى غير ذلك ممّا موضعه علم الكلام.
(ثمّ قال : ومنها) أي : من الأدلة التي يستفاد منها التفصيل المذكور : وهو البراءة في الشبهة الموضوعيّة ، والاحتياط في الحكمية (: ان اجتناب الشبهة في نفس الحكم أمر ممكن مقدور ، لأنّ أنواعه محصورة) فموارد الشبهة الحكمية قليلة كشرب التتن والدّعاء عند الهلال فيمكن الاحتياط فيها (بخلاف الشبهة في طريق الحكم ، فاجتنابها غير ممكن لما أشرنا اليه من عدم وجود الحلال البيّن) في كثير من الموضوعات (ولزوم تكليف ما لا يطاق) امتثاله ، وقد تقدّم : انّه انّما يكون ممّا لا يطاق : لانّ التكليف بالشيء الذي لا يعلمه الانسان تكليف بما لا يطاق.
(و) انّ قلت : انّه يرتكب بقدر الضرورة ، ويجتنب ما عدا ذلك في الشبهات الموضوعيّة.
قلت : (الاجتناب عمّا يزيد على قدر الضرورة حرج عظيم وعسر شديد
__________________
(١) ـ مفاتيح الجنان : ص ١٨٨ أدعية أيام رجب ، ط دار الاضواء ، الدعاء والزيارة للشارح : ص ٢٨١.
(٢) ـ مفاتيح الجنان : ص ١٩٠ الزيارة الرجبية.