بانتفائه ولو بحكم الأصل ، والدليل عليه استثناء (ما ذَكَّيْتُمْ) من قوله (وَما أَكَلَ السَّبُعُ ،) فلم يبح الشارع إلّا ما ذكّي ،
______________________________________________________
الحكم بالحرمة والنجاسة (بانتفائه) أي : بانتفاء الموت (ولو بحكم الاصل) «لو» : وصلية مرتبطة بقوله : «بانتفائه».
والحاصل : ان الحلّ والطّهارة ، والحرمة والنجاسة مترتبان على أمرين : أحدهما : وجودي وهو : المذكى المترتّب عليه الحل والطهارة والآخر عدمي وهو : غير المذكى المترتب عليه الحرمة والنجاسة.
ومن الواضح : ان غير المذكى من قبيل الاعدام فيستصحب ، وليس المذكى والميتة من قبيل الضدّين حتى يلزم فيهما التعارض الأصلين وتساقطهما ، فهما من قبيل الأبيض وغير الأبيض ، لا من قبيل الأبيض والأسود.
(والدليل عليه) أي : على أن التذكية وجودي ، والموت حتف الأنف عدمي (استثناء (ما ذَكَّيْتُمْ)) في القرآن الحكيم ، (من قوله) تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) (١) فلم يبح الشارع الّا ما ذكّي) لوضوح : ان الوجود لا يستثنى الّا من العدم ، كما ان العدم لا يستثنى الّا من الوجود ، فيقال : لم يأتني أحد الّا زيد ، كما يقال : جاءني القوم الّا زيدا ، ولا يستثنى من الوجود وجود ، فلا يقال : جاءني عمرو الّا زيدا ، ومعنى الآية المباركة : يحرم كل حيوان زهق روحه ، الّا ما ذكّيتم فتدل الآية على أن المذكى وجودي وما قبله وهو المستثنى منه عدمي ، فاذا شكّ في التذكية كان الأصل عدمها.
والحاصل : انّ الميتة هو غير المذكى ، لا أن الميتة عنوان ، والمذكى عنوان
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.