حرمته ، فان ثبت وجوب الافتاء فالأمر يدور بين الوجوب والتحريم ، وإلّا فالاحتياط في ترك الفتوى ، وحينئذ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله ، فان التفت إلى قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس في ارتكاب المشتبه ،
______________________________________________________
حرمته) فانّه كيف يفتي الانسان بشيء يحتمل حرمته؟ واذا أراد الفقيه أن يحتاط فيما لم يعلم انّ الحكم فيه هل هو البراءة ، أو الاحتياط؟ فعليه أن لا يفتي بشيء ، لا أن يفتي بالاحتياط ، وذلك لأن الافتاء امّا هو واجب على الفقيه ، أو غير واجب ، وفي كلا التقديرين محذور ، أشار الى الاول بقوله :
(فان ثبت وجوب الافتاء) على الفقيه (فالأمر يدور بين الوجوب والتحريم) لأنّ الشارع ان أوجب الاحتياط كان الواجب على الفقيه أن يفتي بالاحتياط ، وان حكم بالبراءة فالواجب على الفقيه أن يفتي بالبراءة ، ويحرم عليه الافتاء بالاحتياط.
ثمّ اشار الى الثاني بقوله : (والّا) بان لم يثبت وجوب الافتاء عليه ، (فالاحتياط في ترك الفتوى) بالاحتياط.
وانّ شئت قلت : انّ ثبت لدى المستنبط البراءة أو الاحتياط أفتى به ، وانّ لم يثبت لديه أحدهما ، فان وجب عليه الافتاء كان من دوران الأمر بين المحذورين ويكون من التخيير ، وانّ لم يثبت عليه وجوب الافتاء فالاحتياط أن لا يفتي أصلا.
(وحينئذ) أي : حين لم يفت الفقيه بشيء ، لأنّه لا يجب عليه الافتاء (فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله) اذ لا مجال لمن يريد العمل ولا فتوى للمستنبط في المسألة الّا من الرجوع الى عقله (فان التفت الى قبح العقاب من غير بيان) أي : دلّه عقله على ذلك (لم يكن عليه بأس في ارتكاب المشتبه) لأن العقل حجّة