ويؤيّده أنّ تعميم الجهالة بصورة التردّد ، يحوج الكلام إلى التخصيص بالشاكّ الغير المقصّر ، وسياقه يأبى عن التخصيص ، فتأمّل.
______________________________________________________
الغافل والجاهل المركب.
لكنّ هذا لا يتمكن أن يخصص عموم الرواية بالأولين فقط حتى وان قال المصنّف : (ويؤيّده) أي : يؤيد التخصيص الذي استظهرناه من الرواية (: انّ تعميم الجهالة) في الرواية (بصورة التردد ، يحوج الكلام إلى التّخصيص بالشاك غير المقصّر) لوضوح انّ المقصّر في الفحص غير معذور. ويدل عليه ما في الحديث من انّه يقال في القيامة لغير العامل المعتذر بعدم العلم : «هلّا تعلمت» (١) كما ورد ذلك في تفسير قوله سبحانه : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢).
(وسياقه) أي : وسياق هذا الخبر (يأبى عن التخصيص) فقد ذكر بعض وجه الإباء : بأنّ الخبر ظاهر في أنّ الجهالة علّة للمعذورية ، وحينئذ كلّما وجدت الجهالة ، كانت عذرا سواء كانت عن قصور أو تقصير.
(فتأمّل) وكأنّ في التأمّل هذا اشارة الى وجود إشكالين في الكلام :
الأوّل : انّه من أين إباؤه عن التخصيص؟ بل ربّما يقال : انّ ظاهره : الجاهل القاصر ، فهو مثل : «ما لا يعلمون» المنصرف إمّا إلى القاصر ، أو يكون أعم ، لكن يخصص بالقاصر حسب الأدلة الأخر ، الدالة على انّ المقصّر غير معذور.
الثاني : انه لو خصّص الحديث بالغافل والجاهل المركب ، كان مخصّصا أيضا بما إذا لم تكن الغفلة والجهل المركب عن تقصير ، وإلّا لم يكن معذورا ، وذلك على ما هو بناؤهم في الكلام والفقه والاصول.
__________________
(١) ـ انظر الامالي للمفيد : ص ٢٩٢.
(٢) ـ سورة الصافات : الآية ٢٤.