ويرد على الكلّ انّ غاية مدلولها عدم المؤاخذة على مخالفة النّهي المجهول عند المكلّف لو فرض وجوده واقعا ،
______________________________________________________
قال في الأوثق : «ولعلّ وجه تأمل المصنّف في دلالتها هو : كون المراد بالبينة هي : المعجزات الباهرة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالمقصود من الآية : بيان علّة ما وقع منه تعالى من نصرة المسلمين ، لأنّ الآية قد نزلت في بيان قصة غزوة بدر ونصرة المسلمين فيها ، كما يشهد به ما قبلها من قوله سبحانه :
(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ ، وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً ، لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ...)(١)» (٢).
أقول : لكن وجه النزول مورد ، والمورد لا يخصّص ، بل من عادة القرآن الحكيم كثيرا كما شاهدنا : انّه يذكر علّة عامة لشيء خاص ، فدلالة الآية على البراءة ظاهرة.
ثم انّ المصنّف بعد إيراده على دلالة الآيات المذكورات ، أشكل على جميعها باشكال واحد جامع للكل حيث قال : (ويرد على الكلّ :) انّها لا تقاوم أدلة الاحتياط حتى على فرض دلالتها.
وانّما لا تقاوم أدلة الاحتياط لأن هذه الآيات على فرض دلالتها تدل على انّه لا عقاب إذ لا بيان ، والحال انّ أدلة الاحتياط تدلّ على وجود البيان كما قال (إنّ غاية مدلولها) أي : مدلول الآيات المذكورات ، هو (: عدم المؤاخذة على مخالفة النّهي المجهول عند المكلّف لو فرض وجوده) أي : وجود النهي (واقعا).
__________________
(١) ـ سورة الانفال : الآية ٤٢.
(٢) ـ أوثق الوسائل : ص ٢٥٨ أصالة البراءة.