أي : ما يجتنبونه من الأفعال والتّروك.
وظاهرها أنّه تعالى لا يخذلهم بعد هدايتهم إلى الاسلام إلّا بعد ما يبيّن لهم.
______________________________________________________
تركتهم وشأنهم حتى فسدوا.
وعليه : فيكون معنى الآية المباركة : انّه سبحانه إذا هدى الناس الى الاسلام بيّن ما عليهم من الأحكام الشرعية من الواجبات والمحرّمات ، فاذا تركوها وعصوها تركهم الله تعالى وشأنهم ، وترك الله لهم هو معنى إضلالهم ، فهذه الآية مثل قوله سبحانه : (نَسُوا اللهَ ، فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ)(١).
إذن : فمعنى : يبيّن لهم ما يتقون (أي : ما يجتنبونه من الأفعال والتّروك) وقد قالوا في وجه نزول هذه الآية : انّه مات قوم من المسلمين قبل نزول الفرائض ، فقيل : يا رسول الله ما منزلة هؤلاء؟ فنزلت الآية.
وأما وجه دلالة الآية على البراءة فهو : انّه سبحانه يهدي الناس ويبيّن لهم أحكامهم ، فاذا لم يبيّن لهم حكما من الاحكام بعد أن هداهم كان عدم بيانه ذلك دليلا على عدم الحكم ، فاذا رأينا عدم البيان في مورد : كشرب التتن ، كان دليلا على عدم الحكم فلا حرمة لشرب التتن ، كما انّه لا وجوب لدعاء رؤية الهلال لأنّه لم يبيّن وجوبه.
(وظاهرها) أي : ظاهر الآية (: انّه تعالى لا يخذلهم) ولا يتركهم وشأنهم (بعد هدايتهم إلى الاسلام إلّا بعد ما يبيّن لهم) الوظائف الشرعية من الواجبات والمحرمات.
__________________
(١) ـ سورة الحشر : الآية ١٩.