.................................................................................................
______________________________________________________
والأشاعرة أنكروا هذا التلازم وقالوا : بأنّ الآية تدلّ على عدم التلازم ، لانّ الآية تقول : إنّ العقاب مبنيّ على بعث الرسول ، فلو خالف الانسان العقل ولم يأت رسول ، لا يعذب الله المخالف بحكم عقله ، فلو كان تلازم بين العقل والشرع كان اللازم العقاب بحكم الشرع أيضا لأنّ العقل يرى العقاب فيمن يخالف عقله فاللازم أن يكون الشرع أيضا يرى العقاب في ذلك ، بينما يقول الله سبحانه وتعالى : انّ العقاب منحصر بالشرع وبعد بعث الرسول.
ثم انّ الفاضل التوني والوحيد البهبهاني رحمهماالله ، قالا : إنّ الآية تدل على البراءة ولا تدل على كلام الأشاعرة أي : لا تدل على نفي التلازم.
اما إنّ الآية تدل على البراءة ، فلما تقدّم.
واما انها لا تدلّ على عدم التلازم ، فلأن الآية تنفي فعلية العقاب ، لا إنّها تنفي استحقاق العقاب ، والتلازم بين حكم العقل وحكم الشرع انّما هو في الشأنية والاستحقاق ، فمن الممكن أن يكون الشارع أيضا يرى للمخالف استحقاق العقاب كالعقل ، لكن برأفته ولطفه لا يعاقبه إلا بعد البيان.
فتحصل من ذلك : إنّ الفاضل التوني والمحقّق البهبهاني قالا : بأنّ الآية تدلّ على البراءة ، وقالا : انّ استدلال الأشاعرة بها على نفي الملازمة فاسد.
لكن المحقّق القميّ أشكل عليهما وقال : بأنّ ذلك يوجب التناقض ، وذلك لأنّا نسأل : هل الآية الدالة على نفي العذاب الفعلي تدل على عدم التكليف الشرعي أو لا تدل؟ فان قلتم : تدل ، قلنا : فالآية تدل على عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، لأن العقل دلّ على العقاب والشرع دلّ على عدمه.
وإن قلتم : إن الآية تدلّ على نفي فعلية العذاب ، ولا تدلّ على عدم التكليف